يعد برنامج «المقناص» الذي يقدمه الإعلامي الإماراتي طارق الزرعوني من اشهر برامج الصيد والرحلات على الفضائيات العربية. فالبرنامج الحائز على الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للإعلام العربي ومهرجان تونس الدولي للإذاعة والتلفزيون وتعرضه شاشتا «أبو ظبي الأولى» و»أبو ظبي الإمارات» مختص بمواكبة كبار المسؤولين والشخصيات الحاكمة والعامة في منطقة الخليج العربي خلال رحلات الصيد على اختلاف أنواعه. وقد نجح في تقديم مشاهد وملامح طبيعية من حياة هؤلاء بعيدا من قاعات القصور الفخمة ومقار العمل الرسمية عبر رصد ونقل يومياتهم وسط الصحاري والبراري في رحلات الصيد والقنص التي تعتبر هواية منتشرة في منطقة الخليج. تصور عدسة «المقناص» هذه الرحلات المثيرة بتفاصيلها من اختيار مكان نصب الخيم إلى إطلاق الصقور لتصطاد الطيور والحباري منها خصوصاً وصولا إلى إعداد وجبة الطعام وسط تعاون كل الحاضرين في إيقاد النار عبر إشعال الحطب وتقطيع البصل ونتف ريش الغنائم المصطادة وتنظيفها وغسلها إعدادا لطبخها في الهواء الطلق. فالطبخة هنا جماعية وللكل دور في إعدادها رغم أن المتعارف عليه أن كثرة الطباخين تفسد أي طبخة، لكن يبدو العكس صحيحا في «المقناص». فجمال الطبيعة الهادئة بعيدا من ضوضاء المدينة وروتين حياتها ينعكس على روحية الضيف ومرافقيه وأصدقائه حيث تسود روح الفريق الواحد والعائلة المتحابة بين الجميع بما يحقق الغاية من الرحلة وهي الترفيه والترويح عن النفس والتأمل في الطبيعة الريفية والصحراوية بسكونها ونقائها وصفائها. ولعل أكثر ما يميز برامج كهذه هو أنها تكشف الوجه الآخر غير الرسمي لكبار الشخصيات الحاكمة بطبيعتها وعفويتها التي تظهر أكثر ما تظهر خلال ممارسة هواية الصيد في البراري والمناطق الريفية... فضلا عما يتخلل بعض الحلقات من مبادرات إنسانية تكافلية يقدم عليها الضيوف عبر تقديم مساعدات مادية وعينية لبعض سكان القرى والمناطق المجاورة لاماكن تخييم فريق «المقناص»، وهي عادة ما تكون قرى تعاني من الإهمال والفقر ونقص الخدمات على ما ظهر مثلا في بعض الحلقات المصورة من البرنامج في باكستان. ولا يقتصر البرنامج على تصوير وتعقب عمليات القنص والاصطياد بما يقتضيه ذلك من صعوبات ومتاعب، فالساعة التي تعرض على المشاهدين بعد المونتاج هي حصيلة عمل شاق ومضن طيلة يوم وأكثر لا سيما أن ملاحقة الكاميرا للصقور والطيور الجارحة أثناء مطاردتها لفرائسها وانقضاضها عليها ليست عملية سهلة على الإطلاق. فالبرنامج علاوة على كل هذا الاشتغال البصري الدؤوب على الصورة وتفاصيل عمليات الصيد، تتخلله دردشة مع الضيف ومرافقيه تركز على سرد ذكرياته مع الصيد والتخييم في البراري وسواهما من موضوعات يتم بحثها وتتجاذب أطراف الحديث حولها... كل هذا يغني البرنامج ويزيده متعة وفائدة وشمولية في تناول شخصية الضيف وتقريبها من المتلقي ليس فقط عبر نقل صور ومشاهد انهماكه في الكر والفر أثناء البحث عن الفرائس لاصطيادها بل وترجمة هذه المشاهد واللحظات الممتعة كلاما وأفكارا أيضا... ما يقدم مشهدا بانوراميا متكاملا عن الطبيعة والإنسان والتفاعل بينهما وعن الضيف ومن يرافقه فضلا عن كادر البرنامج وحتى الناس ممن يقطنون في مناطق نائية عادة ما تكون مسرحا لصولات «المقناص» وجولاته. تبقى الإشارة إلى أن فريق الإعداد يعكف على إنجاز حلقات جديدة ووضع اللمسات الأخيرة عليها للموسم الثالث من البرنامج الذي تنتجه شركة «جود لينك للخدمات الإعلامية» التي يملكها مقدم البرنامج طارق الزرعوني. ومن المقرر ان تعرض الحلقات الجديدة خلال الربع الأول من السنة المقبلة على شاشة «ابو ظبي» اولاً، ثم على شاشات أخرى. وتتضمن السلسلة الجديدة حلقات مثيرة من مناطق حول العالم خصوصا في ألمانيا وآسيا الوسطى في محاولة من البرنامج لإغناء التثاقف بين مختلف الشعوب عبر عرض طرائقها وعاداتها وتقاليدها في الصيد الذي هو هواية بل حرفة وطريقة عيش وجدت منذ وجود الإنسان الأول. وسيضم «المقناص» في نسخته الثالثة حلقات خاصة برحلات صيد تعرض للمرة الاولى لكبار الشخصيات في الخليج العربي كالزعيمين الراحلين الشيخ زايد والملك خالد بن عبدالعزيز والشيخ نهيان بن مبارك والشيخ وليد الابراهيم إضافة إلى حلقة مع نائب رئيس الوزراء وزير السياحة في جزر موريشيوس زائيف رافال. وتبقى شارة البرنامج بلحنها العذب والتي يؤديها بإحساسه المرهف وصوته الشجي الفنان حسين الجسمي علامة فارقة ظلت ملازمة للبرنامج على امتداد حلقاته ومواسمه وستبقى خلال الموسم الجديد.