يلتقي قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض اليوم، في قمة تشاورية تنعقد وسط ظروف حرجة تمر بها المنطقة، وهي القمة الخليجية الأولى التي يشارك فيها زعيم أوروبي، وهو الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي وصل الرياض ليل أمس. وستبحث القمة الخليجية التي تستمر يوماً واحداً، في قضايا المنطقة وملفاتها الساخنة، وعلى رأسها الأحداث في اليمن، وأبلغت مصادر مطلعة «الحياة»، أن القادة سيستمعون إلى تقرير مفصل عن الأوضاع في اليمن بعد البدء بعملية «إعادة الأمل» لقوات التحالف التي تقودها السعودية، وسيشارك في الجلسة الأولى للقمة وفد يمني سيكون برئاسة عبدربه منصور هادي أو نائبه خالد بحاح. كما سيبحث الزعماء كبح جماح التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة العربية وخصوصاً اليمن، وسيلقي هولاند كلمة أمام القادة الخليجيين، يعرض خلالها موقف بلاده من الملف النووي الإيراني، والأحداث في اليمن وسورية والعراق ولبنان، وسيؤكد تطلع بلاده لتعزيز التعاون العسكري مع الدول الخليجية. وكشفت مصادر في قصر الإليزيه، عن التوقيع على إعلان مشترك سعودي – فرنسي، حول خريطة طريق سياسية واقتصادية واستراتيجية وعسكرية، لمناسبة استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للرئيس هولاند. وعلى جدول أعمال القمة البرنامج النووي لإيران، ومواجهة تنظيم «داعش» في العراق وسورية واليمن، وباستثناء سلطنة عُمان، تشارك دول مجلس التعاون الخليجي في التحالف الذي يشنّ بقيادة الرياض حملة جوية في اليمن منذ 26 آذار (مارس) الماضي، بهدف منع المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران من السيطرة في شكل كامل على هذا البلد المجاور للسعودية، وتشدّد باريس على «الطابع السياسي والاستراتيجي المهم للعلاقة بين فرنسا ودول الخليج». وتضيف الأوساط المقربة من الرئيس الفرنسي، أن الزيارة يمكن أن تندرج ضمن إطار «عصر جديد»، إذا تم التوصل إلى اتفاق قبل 30 حزيران (يونيو) مع طهران حول برنامجها النووي. قمة اعتيادية في ظرف طارئ قال عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي عبدالله العسكر، إن هذه القمة الاعتيادية «تنعقد في ظرف طارئ تمر به المنطقة، وهي ليست قمة طارئة، وهذا الأمر حدث مصادفة في الظروف الحرجة المحيطة بالمنطقة، واليوم أمام الزعماء ملفات ساخنة ابتداء من اليمن، ووصولاً إلى سورية والعراق، وانتهاء بالتدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، ولا بد لقادة الخليج من توحيد الرؤية في هذه القضايا». وأكد العسكر في حديثه ل«الحياة» أن الدول الخليجية تحتاج إلى توافقات في ما بينها لخدمة مصالحها، وأن تنظر للأمور بواقعية وليس بالموافقات العاطفية، لأن الملفات التي أمامهم لها مساس بأمن المنطقة ومصالحها، وعلى رأسها التدخل الإيراني والاستفزاز السافر والمعلن تجاه دول الخليج منذ بدء «عاصفة الحزم» في اليمن قبل شهر»، مشيراً إلى أن التصريحات الإيرانية الأخيرة وتأكيد طهران بأن أمن اليمن من أمنها، «أمر خطر». وأوضح بأن إطلاق عملية «عاصفة الحزم» أعاد ترتيب الأوراق في المنطقة الملتهبة، وقطع التدخلات في شؤون اليمن، «إيران تريد أن تنهي اليمن وتبقى مثل سورية، وتلعب بحرب وكالة وهذا ما لم يحدث بعد التدخل العسكري في اليمن». وقال العسكر إن من ضمن الملفات التي سيناقشها القادة في قمتهم التشاورية (تنعقد من دون جدول أعمال) الوضع في سورية، وتوسع الجماعات الإرهابية وانتشارها. وأضاف: «هناك أيضاً ملف الاتفاق الأميركي - الإيراني حول النووي، وهو المزعج جداً للخليج، خصوصاً مع قرب المفاعل النووية التي تقع في بلد من العالم الثالث من الدول الخليجية، والحقيقة أن وجود مفاعلات من دون ضمانات تقنية عالية المستوى قد يدمر المنطقة، ويفتح هذا الاتفاق سباقاً نووياً فيها، وهذا غير مقبول، لأن انتشار الأسلحة ربما يؤدي إلى مشكلات نحن في غنى عنها، والزعماء الخليجيين أمامهم اليوم فرصة في أن يتوافقوا في ما بينهم لحل هذه المشكلات». ورأى أن اللقاء اليوم سيرتب المواقف قبل الخليجية - الأميركية هذا الشهر، التي ستبحث حماية المنطقة، مشدداً على أن الدول الخليجية لا بد أن تنسق مواقفها قبل الذهاب إلى لقاء الرئيس باراك أوباما، «لا بد من التنسيق حتى مع سلطنة عُمان التي دائماً في مثل هذه القضايا، تكون صاحبة الرأي الرمادي، ولعل «عاصفة الحزم» أثبتت لأميركا بأن الدول الخليجية قادرة على حماية مصالحها». السفير الفرنسي ل«الحياة»: متفقون مع الخليج أكد السفير الفرنسي في السعودية برتران بزانسنو، أن بلاده تتفق مع الدول الخليجية في القضايا التي تمس أمن المنطقة، مؤكداً بأن الرئيس فرانسوا هولاند سيشرح لقادة الخليج مرئيات بلاده بعد الاتفاق النووي مع إيران. وقال بزانسنو في حديثه ل«الحياة» أمس، إن زيارة هولاند هي الرابعة له للمملكة، وهي الأولى لرئيس أوروبي يحضر القمة الخليجية، مشيراً إلى أن «الوضع في المنطقة صعب جداً، وأن فرنسا والدول الخليجية لديها الآراء نفسها تجاه مشكلات اليمن والعراق وسورية، ونعمل أيضاً للاستقرار المنطقة، وبالنسبة لإيران سيكون هناك تقديم مرئيات حول تطورات الملف النووي»، مشيداً بالتعاون العسكري مع دول الخليج. الرحبي: وفد يمني سيشارك في القمة قال السكرتير الصحافي للرئيس اليمني مختار الرحبي، إن اليمن سيشارك في القمة، «بوفد برئاسة عبدربه منصور هادي أو نائبه خالد بحاح»، كما أن بلاده متفائلة بالدعم الجديد الذي سيقدم من المملكة والدول الخليجية، وتعزيز موقف شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، ومواصلة التأييد ل«إعادة الأمل»، معتبراً أن مشاركة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند موقف جاد وداعم للشرعية اليمنية. وأكد الرحبي ل«الحياة» أمس، أن الملفات التي سيستعرضها القادة في قمتهم كثيرة، «لكن الملف اليمني هو الأكثر مناقشة، ونحن متأكدون بأنه سيكون هناك دعم أكبر للمقاومة والمسار السياسي، ونحن نتطلع إلى أن تنجح القمة في حل القضايا». وزير خارجية أميركا في السعودية.. غداً قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية أمس، إن وزير الخارجية جون كيري سيتوجه إلى السعودية وباريس لمناقشة قضايا الشرق الأوسط الأسبوع الجاري. وقالت المتحدثة باسم الوزارة ميري هارف إن كيري سيزور الرياض الأربعاء والخميس المقبلين للاجتماع مع كبار القادة السعوديين لمناقشة قضايا أمنية إقليمية. ويتوجه كيري بعد الرياض إلى باريس للاجتماع مع وزراء خارجية دول «مجلس التعاون الخليجي» لمناقشة الأمن وغيره من القضايا الإقليمية، كما سيشارك في مراسم إحياء ذكرى انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وسيجتمع مع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.