عمقت التحركات العسكرية الإيرانية على حدود العراق الانقسام السياسي الداخلي. وظهرت للمرة الأولى في الجنوب الشيعي ردود فعل عنيفة على استيلاء إيران على بئر نفطية عراقية في حقل الفكة، وشكلت مجموعات مسلحة اعلنت ان هدفها مهاجمة «القوات المحتلة». وفيما أعلن السفير الإيراني في بغداد حسن كاظمي- قمي أن قوات بلاده لم تدخل الأراضي العراقية، نظم المئات من أنصار نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ورئيس الوزراء السابق إياد علاوي تظاهرة احتجاج وسط العاصمة للتنديد بسلوك طهران. لكن أحزاب الحكومة اعتبرت هذا التحرك استغلالاً سياسياً للموضوع . على صعيد آخر، قتل أمس تسعة عراقيين، وشن هجوم على كنيسة مسيحية في الموصل. و كانت القوات الإيرانية استولت منذ ايام على البئر الرابعة في حقل الفكة، شرق مدينة العمارة، ورفعت عليها علمها، بعد طرد الكوادر الهندسية العراقية. واعتبرت طهران المسألة «نزاعاً حدودياً». وجدد كاظمي - قمي أمس تاكيد بلاده عدم احتلالها البئر النفطية. وقال في مؤتمر صحافي انه «لم يقع اي حادث في منطقة الفكة. لم تدخل اي قوة عسكرية ايرانية الى الأراضي العراقية»، وإن «مخفراً حدودياً ايرانياً يقع على بعد مئة متر من البئر». وحمل العراقيين مسؤولية الأزمة وقال ان «القوات العراقية زحفت باتجاه المنطقة بعدها تقدم الإيرانيون ثم انسحب الجانبان الى مواقعهما الحالية». لكن التاكيدات الإيرانية نفاها مسؤولون محليون في محافظة ميسان، وأكد عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس المحافظة ميثم لفته استمرار وجود القوات الإيرانية قرب البئر. وبدت ردود فعل العشائر في الجنوب عنيفة أمس، إذ اعلنت تشكيل كتيبتين لمقاومة القوات الإيرانية. وأوضح رئيس مجلس أعيان العشائر في ميسان عبد الكريم المحمداوي (عضو مجلس حكم سابق) ان « القوات الإيرانية سيطرت بالإضافة الى البئر رقم 4 على البئرين رقم 11 و 13 في حقل الفكة». وقال ان «الانسحاب من البئر رقم 4 كان شكلياً، حيث تراجعت القوات الإيرانية مسافة 50 متراً، ولكنها تخندقت هناك، فضلاً عن ان الكوادر الفنية لم تباشر عملها بعد بسبب تعذر الوصول إلى البئر». وأشار إلى أن «المنشآت الهندسية تم تدميرها من الجانب الإيراني». وأعلن الأمين العام لحركة «التحرر والبناء» عوض العبدان ل «الحياة» مساء تشكيل كتيبة «أسد الله الغالب التي ستأخذ على عاتقها تحرير الحقل النفطي الذي أحتلته القوات الإيرانية قبل أيام». وأضاف أن «هذه الكتيبة تتألف من شيوخ عشائر من ميسان والبصرة». وأن «عشرات العشائر في وسط وجنوب العراق وشماله ابدت استعدادها للانضمام الى الكتائب المسلحة». وقال الأمين العام المساعد للحركة الشيخ محمد الزيداوي في مؤتمر صحافي إن «الكتيبة قوة عشائرية شكلت بمشاركة وتأييد 126 عشيرة، معظمها من محافظات البصرة، وميسان، وذي قار، وبعضها من محافظات واسط، والأنبار، وديالى». وكانت تظاهرات احتجاج انطلقت خلال اليومين الماضيين في محافظات ميسان والبصرة وكربلاء والأنبار للتنديد باحتلال حقل الفكة، فيما نظم تحالف علاوي والهاشمي تظاهرة في منطقة المنصور في بغداد رددت شعارات مناهضة للنفوذ الإيراني في العراق. وقالت النائب عالية نصيف عن «القائمة العراقية» في اتصال مع «الحياة» انه «تم تنسيق الجهود بين الزعيمين لإطلاق التظاهرة الحاشدة تنديداً بسياسة طهران تجاه العراق وتجاوزها السافر لكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي تلزمها باحترام سيادة العراق». وفيما دعا الهاشمي ايران الى «الانسحاب الفوري من الحقل النفطي»، انتقد سياسيون في «المجلس الأعلى»، بزعامة عمار الحكيم، و»حزب الدعوة»، بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي المقربين من طهران التصعيد الإعلامي والسياسي ضد ايران متهمين الأطراف الأخرى بمحاولة الاستثمار السياسي للأزمة. وكان الناطق باسم الحكومة علي الدباغ اعلن ان «هناك محاولات لدفع الحكومة الى خطوة غير محسوبة النتائج»، في اشارة الى مطالبتها بموقف حازم من إيران. أمنياً، أعلنت مصادر عسكرية مقتل تسعة عراقيين بينهم ضابط برصاص مسلحين مجهولين امام منزله في منطقة الغزالية غرب بغداد. في الموصل، اعلنت مصادر مقتل شخصين على الأقل وإصابة خمسة آخرين بانفجارعبوة استهدفت كنيسة مار توما للسريان الأرثوذوكس، وسط المدينة صباح أمس. وأكد مصدر طبي ان «القتيلين هما رجلان مسلمان (55 و 60 سنة)». وقال شاهد يدعى هاني بولس ان «عربة محملة طحيناً اوقفها شخص امام الكنسية انفجرت، ما اسفر عن اضرار كبيرة ومقتل الرجلين».