ملايين يسيل لها اللعاب.. وتغطية إعلامية قل مثيلها، مواجهة القرن لم تكن مجرد مباراة ملاكمة عادية، بل كانت حدثاً رياضياً هو الأضخم في العالم من حيث أرباحه المادية التي حطمت الأرقام القياسية، إضافة إلى الاهتمام البالغ الذي سحب كل الأضواء من نجوم مختلف الرياضات، بل ومن أبطال «هوليوود». لكن رضوخ الأميركي فلويد مايويذر للمعلنين، وموافقته على منازلة الفيليبيني ماني باكياو، الذي ظل يلح ويركض خلف هذا التحدي خمسة أعوام، لم تمكن الآسيوي المثابر والملح من الفوز على خصمه القوي في المواجهة التي حضرها 16,5 ألف مشجع، اضطر أكثرهم حظاً إلى دفع 1500 دولار قيمة أقل تذكرة، ليحافظ الأميركي «المغرور» على سجله الخالي من الهزائم، بعد أن نجح في إملاء شروطه على خصمه قبيل مواجهة الأمس. وقبل الملاكم الفيليبيني شروط مايويذر، الذي يرى بأنه أعظم ملاكم في التاريخ، والذي أثار بذلك حفيظة عدد من الملاكمين، على رأسهم مواطناه مايك تايسون ومحمد علي كلاي، قبل أن يرد الأول عليه ويصفه بأنه «شخص واهم وجبان... ويخشى إيصال أبنائه إلى المدرسة»، وأملى مايويذر شروطاً عدة قبل الموافقة على النزال، إذ اشترط أن تكون المباراة على أرضه في أميركا وفي لاس فيغاس تحديداً، وأن يكون الحكام والقضاة من أبناء جلدته، كما اشترط أن يختار هو لخصمه نوع القفاز الخاص بالملاكمة، إضافة إلى أن يجني 60 في المئة من الأرباح، والأمر لم يتوقف هنا، بل زاد الملاكم المغرور شرطاً بموافقة خصمه على لعب مباراة أخرى في حال خسارته، أما في حال فوزه فلن ينازله مجدداً. باكياو الملاكم والداعية والبرلماني والمغني والراعي لماركات عدة، إضافة إلى كونه مدرب ولاعب كرة سلة، على رغم أن طوله لا يتجاوز 169 سنتمتراً، هو بطل قومي في بلاده، لدرجة أنه بات يوصف في الفيليبين ب«نصف إله»، ولذلك فإنه وعلى رغم خسارته المواجهة أضاف إلى رصيده المليء 120 مليون دولار جناه من مباراة واحدة فقط، ذلك لم يمنعه من أن يعزو خسارته إلى إصابة في كتفه ألمت به قبل ثلاثة أسابيع، لكنه رفض تأجيل المواجهة بسبب شعوره بالتعافي، مؤكداً أن ذلك كان عائقاً أمام الإطاحة بخصمه وتصويب اللكمات في الشكل المطلوب. مايويذر الذي جنى 160 مليون دولار من المواجهة، ولم يعرف طعم الخسارة في المباريات ال48 التي لعبها، سخر من أعذار خصمه، وذكر أنه هو أيضاً كان يعاني من إصابة، مؤكداً أنه لو خسر لما تحدث بذلك، بل توجه لتهنئة خصمه. وفي شكل عام أكدت أميركا من خلال النزال المثير قدرتها الهائلة على التسويق ونجاحها الكبير في مجال الإعلان، وخصوصاً بعد أن نسف الملاكمان كل الأرقام القياسية سابقاً، وأزاح مايويذر تايغر وودز من طريقه وأصبح الرياضي الأول في أميركا، والأغنى في العالم بعد أن تجاوزت عائدات مباراة ملاكمة واحدة 400 مليون دولار، ما قد يقلب موازين القوى في هذه اللعبة التي كادت أن تنسى بعد اعتزال عدد من أساطيرها.