مسلسل انتظار استمر خمسة أعوام سيتوّج بحلقة فريدة مرتقبة. إنها مواجهة «عملاقي» الملاكمة، بطل «كل الأوزان» الأميركي فلويد مايويذر «الولد الجميل» و «سعادة النائب» الفيليبيني ماني باكوياو المقررة في 2 أيار (مايو). نزال على لقب الوزن المتوسط في قاعة تتسع ل16800 متفرّج في فندق وكازينو مترو غولدن ماير غراند بلاس فيغاس (نيفادا). ونفدت تذاكره قبل أسابيع، وبلغت إيراداتها 74 مليون دولار، علماً أن عملية البيع كانت محصورة جداً وراوح سعر التذكرة بين 1500 و10 آلاف دولار. كما حجزت غرف المنتجع البالغ عددها 6800 غرفة. وبعيداً من «معاني» المباراة الفنية، فإن اللقاء يذكّر بما كان يشهده المكان من ترف وحضور مشاهير، يستغلون مواجهات الملاكمة لاستقطاب الأضواء. كان مايويذر (38 سنة) الذي لم يخسر في 47 مباراة حقق منها 26 بالضربة الفنية القاضية، المبادر إلى الإعلان عن الحدث المنتظر في شباط (فبراير) الماضي عبر موقع «شوتس» المساهم في تمويله. وهدف بذلك إلى إظهار إمساكه بخيوط المفاوضات ومفاصلها مع معسّكر باكوياو (36 سنة)، وبعدما ماطل طويلاً في الموافقة. كما أراد وهو المشهور بأسلوبه الهجومي، من خلال الإعلان عن المناسبة، حشر منافسه (57 انتصاراً في 64 مباراة منها 38 بالضربة الفنية القاضية). والتقى النجمان في 27 كانون الثاني (يناير) الماضي في ميامي على هامش مباراة جمعت ميامي هيت وميلووكي باكس ضمن دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين، بترتيب مسبق من مايويذر الذي حرص على توزيع صور له يبدو فيها مسترخياً يمضغ العلكة مرتدياً لباساً رياضياً. وسارع بعد ذلك إلى الكشف عن التحضيرات للنزال المرتقب، من منطلق أنه البطل وهو من يقرر الموعد ويحدده، معلناً أن باكوياو سيجهد لأن يتنزع منه ما حاوله 47 ملاكماً قبله، علماً أن الملاكم الفيليبيني يُعدّ قدوة لشعب بأكمله بعد تخطيه صعوبات كثيرة في حياته. وكشف مايويذر أنه سينهي مسيرته أواخر السنة، مقرراً خوض مباراة أخرى مع هدف البقاء من دون خسارة، جازماً أنه أفضل من مواطنه محمد علي كلاي، «فهو كان أسطورة، أحترمه كثيراً وغيره من الأبطال السابقين، لكنني كرّست حياتي كلها لهذه الرياضة، وأعتقد أنني قدمت للملاكمة أكثر مما قدّم محمد علي. فهو لم يحرز ألقاباً عالمية في أوزان مختلفة مثلي أنا. وفي سنّ ال38 لا أزال قي قمة مستواي». وتعدّت طلبات بث المباراة عبر القنوات المشفّرة والمدفوعة مسبقاً ال3,5 مليون طلب، بواقع 90 دولاراً للطاب الواحد، ويرتفع إلى 100 دولار للبث الفائق الوضوح HD، أي أن الرقم تخطّى ما حصده مايويذر من مباراته (2,4 مليون طلب شراء) مع الأميركي المكسيكي أوسكار دو لا هويا عام 2007 (فاز بالنقاط). وستنقل المباراة قناتا «شوتايم» و «إتش بي أو»، المرتبطتان بالملاكمين. ويتوقّع أن تكون الحصيلة 400 مليون دولار، فضلاً عن عشرات الملايين من بيع تذكارات المناسبة ومقتنياتها. وبلغ دخل مايويذر، الملقّب ب «موني» أي المال، 78,4 مليون دولار العام الماضي (الأعلى في العالم). وتوقّعت مجلة «فوربس» أن ينال 150 مليون دولار على الأقل من النزال مع باكوياو في مقابل 100 مليون لمنافسه. وهو عموماً يتمتّع بثروة فاحشة تجعل منه مثالاً للعجرفة والتبذير «الجنوني». وتبدو الأفضلية على الحلقة لمايويذر المتفوّق بسرعة تحرّكه على رغم سنه المتقدّمة. في المقابل، ينشد باكوياو الفوز ليعيد الإشراقة إلى صورته التي «لطّختها» خسارته بالضربة الفنية القاضية أمام المكسيكي خوان مانويل ماركيز عام 2012. وبات كقطعة الخزف التي تتعرّض بعد أي صدمة لتشققات داخلية لا تبدو جلية لكنها تتضح تدريجاً عند الاحتكاك الأول. ولا يخفي الأميركي جورج فورمان، بطل العالم السابق للوزن الثقيل، ترجيحه لباكوياو معتبراً أنه سيتفوّق بالنقاط. ويقرّ بأن الملاكمة تدين بكثير إلى مايويذر الذي وصف نفسه منذ فترة بأنه أفضل ملاكم في العالم. ومهما يكن من أمر النتيجة، فإن مختصّين يعتبرون أن المباراة ستصب في مصلحة رياضة «الفن النبيل»، على رغم أنها تأتي متأخرة 7 سنوات.