يعتمد برنامج «صناع الفرجة» الذي تقدمه القناة التلفزيونية المغربية الأولى، مادة تراثية خصبة، تقدّم للمشاهد المغربي والعربي احتفاء بالتنوع الكبير للأشكال الموسيقية والغنائية التراثية المغربية. يعتمد البرنامج على شهادات حية لمعاصري «صانع الفرجة» المحتفى به، إضافة إلى أكاديميين يُبرزون تميز الشكل الموسيقي أو الأدائي عنده. وتُقدّم المادة عبر متواليات؛ يقوم من خلالها أصحاب الشهادات بالتعريف بخصائص التميّز عند «صانع الفرجة» المحتفى به في الحلقة: نشأته، بداياته الفنية الأولى، مسارات وانعطافات التجربة، وكذا أسرار التميّز. تُقدم المادة التلفزيونية عن طريق حكي بسيط؛ يتم فيه المزج بين الشهادات ووصلات أدائية للشكل الموسيقي أو الفرجوي الذي تميز به المحتفى به، سواء من خلال أداء مباشر يُسجله فريق العمل التلفزيوني مع «صانع الفرجة»، في شكل فردي أو مع فرقته الموسيقية، أو من خلال الاعتماد على أرشيف القناة، أو الأرشيف الشخصي للمحتفى به. وتعرض الشهادات والوصلات في شكل تلقائي، من دون تدخل صوت قارئ السرد؛ وهو ما يمنح المادة التلفزيونية التلقائية والمباشرة، لكنها تكاد في بعض الأحيان أن تسقط في تيه السرد وتشتته وعدم انتظامه حول منحى تطوري، وذلك بسبب تداخل محطات من تطور زمن السرد. ويزداد الإحساس بتيه السرد، عند الانتقال من تعريفات وإضاءات أكاديمية علمية للشكل التراثي ومسار «صانع الفرجة» بلغة عربية فصيحة إلى شهادات تلقائية عفوية لمعاصري صانع الفرجة، والتي تأتي، غالباً، مدموغة بحرارتها وبساطتها، وبلغة دارجة. وهو الأمر الذي يجعل إيقاع التلقي يبدو مشروخاً بين لغتين: إحداهما نحوية صرفة، والأخرى دارجة عفوية. وهنا لا بد أن يشتغل معدو البرنامج أكثر على حضّ الأكاديميين على تقديم شهاداتهم بلغة أقرب إلى الدارجة منها إلى الفصحى. «صناع الفرجة» مادة تلفزيونية تعتمد البساطة في التقديم، لكنها تنبش في مادة تراثية خصبة وشاسعة، وتسلط الضوء على أنواع موسيقية وفرجوية، تكاد أن تندثر، أو أخرى طاولتها تغييرات في أشكالها الموسيقية أو الأدائية، أو حتى في المواضيع التي تطرقت إليها من أجل تسليط الضوء عليها وتقديمها لأجيال اليوم؛ وهو بذلك مادة توثيقية مهمة، بحاجة إلى مزيد من التطوير في طريقة إخراجه.