تتحمل الحكومة التركية مسؤولية اندلاع اضطرابات قومية (إثنية) بين الأكراد والأتراك. والحكومة قاصرة عن إدراك أسباب التحركات الكردية، وترى ان تظاهرات الاحتجاج في مثابة تأييد للإرهاب، ودعوة الى العنف، في وقت يحتج الأكراد على سوء ظروف اعتقال عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني التاريخي، وعلى حظر حزب المجتمع الديموقراطي. وفي مناطق نفوذه، يسعى الحزب في منع انزلاق المتظاهرين الى العنف. ولكن الشرطة ورجال الأمن يغضون النظر عن هجمات المتشددين القوميين المسلحين على عناصر حزبنا (المجتمع الديموقراطي) والمتظاهرين. والاستفزازات تعبد الطريق امام اندلاع نزاع بين الأتراك والأكراد. وأجمع 11 قاضياً في المحكمة العليا التركية على حظر الحزب، وهذا اجماع كاسح. ولكن هل يعقل الا يخالف قاضٍ واحد زملاءه الرأي؟ والحكم يجافي الديموقراطية والقانون وحقوق الإنسان. ويطعن «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في حظر حزب المجتمع الديموقراطي. وقبل عامين، مثل الحزب الحاكم أمام المحكمة العليا التركية بتهمة تقويض العلمانية. ويومها، طالب الحزب نفسه بتعديل الدستور، وتقليص صلاحيات المحكمة الدستورية العليا، وتعديل قانون تأسيس الأحزاب وشروط حظرها. ولكن حزب العدالة والتنمية تراجع عن مسعاه هذا، اثر طي قضيته امام المحكمة العليا. وعقدنا آمالاً كبيرة على مبادرة الحكومة الى حل القضية الكردية ديموقراطياً. وتراجع رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء، عن مقاطعتنا واتهامنا بدعم حزب العمال الكردستاني العنفية، واستقبلنا. ولكن اللقاء اليتيم هذا لم يتكرر. ولا يسع الحكومة تذليل مشكلة القضية الكردية سياسياً من غير اشراك ممثل الأكراد في البرلمان. وتبين أن حزب العدالة والتنمية لم ينتهج استراتيجية للانفتاح على الأكراد. وحزب المجتمع الديموقراطي هو خامس حزب كردي يحظر في تركيا، في العقدين الماضيين. وبعد يومين من المناقشات البرلمانية، انسحبنا من البرلمان. ولكننا لم نترك «الكفاح» الديموقراطي في سبيل قضية الأكراد. ولا مكان لنا في البرلمان بعد اليوم. فالمجلس لم يعد يتسع لنا، ولن نعود اليه إذا رفض الحزب الحاكم قبول استقالتنا. وحُظِر العمل السياسي عليّ وعلى برلمانية كردية. وبرز، أخيراً، حزب كردي جديد. وهو يتولى السياسة الكردية الجديدة. ونحن نرغب في ان تُرسى الديموقراطية بتركيا. ونرغب في قيام جمهورية تركية جديدة أكثر انفتاحاً على الديموقراطية. والاتحاد الأوروبي مدعو الى الإسهام في رفع القيود عن الحريات، ودعم حقوق شعوب الشرق الأوسط، وتأييده. وليس حزب المجتمع الديموقراطي جناح حزب العمال الكردستاني السياسي، ولا واجهته السياسية. ولا يسعه حمل «الكردستاني» على وقف حمام الدم. ولكننا ندعو الى اشراك أوجلان وحزبه في حل القضية التركية. * رئيس مشارك في «حزب المجتمع الديموقراطي»، «ليبيراسيون» الفرنسية، 17/12/2009، إعداد م.ن.