أطلق الرئيس السوداني عمر البشير سلسلة اتصالات مع الأحزاب التي شاركت في الانتخابات البرلمانية لتحديد نسب مشاركتها في الحكومة الجديدة، فيما اعتبرت دولة جنوب السودان تهديده بملاحقة متمردي دارفور داخل أراضيها تمهيداً لغزوها وتنصيب زعيم المتمردين رياك مشار حاكماً بدلاً من الرئيس الحالي سلفاكير ميارديت. وكشف وزير الاستثمار، المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم مصطفى عثمان إسماعيل عن اتصالات سيجريها الحزب خلال اليومين المقبلين مع الأحزاب السودانية الأخرى لبحث نسب مشاركتها في الحكومة والبرلمان والأجهزة التنفيذية. ونفى إسماعيل وجود مبادرة قطرية للتوسط بين حزبه ورئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي لإلحاقه بعملية الحوار الوطني. وقال أنهم لا يرون داعياً لمثل هذه المبادرات لأن الأبواب مفتوحة مع المهدي ولم تنقطع. في غضون ذلك، تصاعدت المواجهات بين القوات الحكومية والمتمردين في جنوب دارفور. وقال مدير جهاز الأمن والاستخبارات محمد عطا المولى أن قوات الدعم السريع قصمت ظهر «حركة العدل والمساواة»، مشيراً إلى أن المتمردين قالوا أنهم سيخرّبون الانتخابات وحقول النفط لكنهم عجزوا عن ذلك. وأشار عطا إلى أن قوات الحركة عبرت من جنوب السودان بأكثر من 1100 مقاتل ولم يعد منهم سوى 37 مصاباً. وأكد أن السيارات التي غنمتها القوات الحكومية عددها 161 إضافة إلى أسلحة ثقيلة وخفيفة وأجهزة اتصال، إلى جانب 340 أسيراً من بينهم قادة ميدانيون من المتمردين. وأعلن وزير الدفاع عبدالرحيم حسين عن إغلاق القوات الحكومية كل المنافذ مع جنوب السودان لمتابعة حركات المتمرد ورصدها، متهماً دولة الجنوب برعاية الحركات السودانية المتمردة وتدريبها عبر خبراء وشركات أجنيبة ودول معادية للسودان. وأوضح أن قوات «حركة العدل والمساواة» دُرِّبت في شكل مكثف في جنوب السودان لسنة ونصف السنة، على أيدي خبراء أجانب بهدف إحداث خلل أمني كبير في السودان وإفساد العملية الانتخابية. إلى ذلك، قال وزير الإعلام الجنوبي مايكل ماكوي أن تهديد البشير بمطاردة المتمردين دخل أراضي جنوب السودان يُعدّ بمثابة «إجراء تمهيدي لتنفيذ عمليات عسكرية في دولة الجنوب واختراق سيادتها». ونفى ماكوي بشدة وجود أية حركات متمردة مناهضة للخرطوم في جوبا، فيما أشار إلى أنه «معروف أن نظام البشير يوالي الحركة المتمردة بزعامة رياك مشار، لذا يلجأ إلى تلك التلميحات السياسية لغزو الجنوب لمصلحة مشار». وكان ماكوي تحدث عن اتفاق بين الخرطوم ومشار على إعادة توحيد الدولتين، في حال وصول الأخير إلى الحكم في جوبا. من جهة أخرى، قال كبير مفاوضي الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا (إيغاد) سيوم مسفين أن القوى الإقليمية ستطلق قريباً مساعي «مبتكرة» جديدة للسلام في جنوب السودان، بعد تعثر المحادثات لأكثر من سنة. وأضاف مسفين للصحافيين أن «إيغاد ستفكر بطريقة مختلفة ومبتكرة لحل النزاع»، موضحاً أن 90 في المئة من الخلافات بين طرفي النزاع حُلَّت «لكن بعض القضايا لا تزال تحول دون التوصل إلى اتفاق نهائي». ولفت ديبلوماسيون إلى أن مساعي السلام الجديدة ستشرك في المفاوضات دولاً ذات ثقل ديبلوماسي كبير من بينها بريطانيا والصين والولايات المتحدة. على صعيد آخر، اتهمت الحكومة السودانية أمس، البعثة المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في إقليم دارفور «يوناميد» ب»تصفية 4 مدنيين بدم بارد» في مقر تابع لها في مدينة كاس في ولاية جنوب دارفور الأسبوع الماضي. وشكلت الرئاسة السودانية لجنة تحقيق في الحادث الذي وقع في كاس، وزارت المنطقة الاثنين الماضي قبل أن تصدر تقريرها أمس. وقال مسؤول دائرة السلام والشؤون الإنسانية في وزارة الخارجية السودانية، جمال الشيخ الذي شارك في اللجنة إن «بعثة يوناميد قتلت 4 مدنيين داخل مقر البعثة في منطقة كاس الخميس والجمعة الماضيين». ووصف الشيخ رواية «يوناميد» حول حصول اشتباكات بينها ومسلحين مجهولين حاولوا الاعتداء على قوة من البعثة بأنها «غير صحيحة». وقال إن «المدنيين الذين اعتدت عليهم قوات البعثة لم يحاولوا الهجوم عليها». وأضاف أن عدد الضحايا المدنيين في أحداث كاس «7 قتلى وليس 4 كما زعمت يوناميد».