ناقشت بعثة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الافريقي مع مسؤولين في الخرطوم أمس تدهور الأوضاع الأمنية في دارفور ودور البعثة الأممية - الافريقية المشتركة في الاقليم «يوناميد» في حماية المدنيين، فيما اتهم مسؤول حكومي رفاقه في السلطة بالوقوف وراء أحداث دامية راح ضحيتها مئات في شمال الاقليم. وأجرت بعثة المجلس محادثات مع مسؤولين في الخرطوم بعد ساعات من وصولها امس، ودرست مع وزير الخارجية علي كرتي التعاون بين بعثة «يوناميد» والسلطات في دارفور لحماية المدنيين في الإقليم عقب مقتل مئات في مواجهات قبلية من جهة وأخرى بين القوات الحكومية والمتمردين من جهة أخرى. وقال ديبلوماسي أفريقي ل «الحياة» إن بعثة «يوناميد» تتجه إلى إقامة قواعد جديدة في المناطق التي شهدت أحداث عنف خلال الشهور الماضية «لحماية المدنيين وضبط الأوضاع الأمنية». وفي السياق ذاته، حمّل المستشار في وزارة الحكم الاتحادي زعيم قبيلة المحاميد العربية في دارفور موسى هلال حاكم ولاية شمال دارفور عثمان يوسف كبر ووزير المعادن كمال عبداللطيف مسؤولية أحداث العنف التي شهدتها منطقة منجم جبل عامر للتعدين التي أودت بحياة نحو 500 شخص وأدت إلى جرح 700 آخرين ونزوح الآلاف. وقال هلال المتهم من جهات بأنه الزعيم المفترض لميليشيا «الجنجاويد» المتهمة بمساعدة الحكم في ارتكاب مجازر، إنه «مستعد لإثبات هذه الاتهامات إذا تم استدعائي بصورة رسمية»، مشيراً إلى أن زيارة كبر وعبداللطيف إلى موقع المنجم «كانت سبباً في انفلات الأمن». وأضاف: «كان هناك تحرش من مجموعة قبيلة بني حسين بمنقبين آخرين حملت شبهات الطرد لمجموعات من المنقبين لتأتي الشركات... لن يستفيدوا من الذهب لأنه رزق دنيا». ورأى أن المفاوضات الجارية في العاصمة القطرية الدوحة في شأن سلام دارفور «عبارة عن تجزئة للحركات المسلحة لشرائح»، معتبراً أن «الأجدى أن يتم التفاوض مع الحركات الرئيسة». وشدد على «أهمية عدم تجزئة الحوار، سواء كان مع الأحزاب السياسية أو الحركات التي تحمل السلاح في دارفور... علينا أن نحاور الرؤوس والأصل موجود». وأضاف أن مشكلة دارفور تبنتها مجموعات محددة مثل «حركة العدل والمساواة» و «حركة تحرير السودان» بقيادة عبدالواحد محمد نور، لكن «قيادات هذه الحركات حصرت نفسها في إطار ضيق جداً للتعبير عن القضية». وكشف اتصالات يجريها مع عدد من قادة الحركات المسلحة، قائلاً: «لدي معهم علاقات وخطوط اتصال ولا نتكتل في شيء يضر بالوطن». وأبدى امتعاضه ممن وصفهم ب «الصفوة» داخل «حزب الموتمر الوطني» الحاكم الذي ينتمي إليه، معتبراً أنهم «يهملون قواعد الحزب وكوادره ويتعاملون مع الحزب كسلعة يمتلكونها... ولا أرضى عن هذه الصورة». إلى ذلك، ناقشت لجنة مشتركة من دولتي السودان وجنوب السودان برئاسة وزيري الدفاع في البلدين عبدالرحيم حسين وجون كونغ ووسطاء الاتحاد الافريقي التحقق من انسحاب قوات البلدين من الحدود تمهيداً لإنشاء منطقة عازلة بينهما. وسيناقش الطرفان شكاوى متبادلة في شأن دعم المتمردين، إذ تتهم الخرطوم دولة الجنوب بدعم وإيواء متمردي دارفور والارتباط عسكرياً وسياسياً مع متمردي «الحركة الشعبية - الشمال»، بينما تتهم جوبا السودان بدعم متمردين يسعون إلى إطاحة نظام الحكم وإيواء معارضين لها. وأعلنت وزارة النفط السودانية أمس أنها تحتاج أكثر من شهر لاستقبال نفط دولة جنوب السودان ومعالجته وتصديره عبر الموانئ في البحر الأحمر في شرق البلاد، مؤكدة أن «الأوامر ستصدر خلال هذا الأسبوع للشركات لاستئناف عملها لاستقبال نفط الجنوب». وقال الأمين العام لوزارة النفط عوض عبدالفتاح في حديث بثه التلفزيون السوداني الرسمي إن الخبراء السودانيين والأجانب قدروا أن آبار نفط دولة جنوب السودان تحتاج إلى استئناف انتاجها فترة تتراوح ما بين شهر إلى شهرين. وأشار إلى أن السودان بدأ تجهيزاته لاستقبال نفط جنوب السودان منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، ولكن العمل توقف لستة أشهر. وقال: «نحن جاهزون لبداية العمل والإجراءات الفنية والترتيبات تشير إلى أن السودان يحتاج الى فترة تتراوح ما بين شهر إلى 45 يوماً لاستقبال نفط دولة جنوب السودان ومعالجته وتصديره». وكشف اتفاقاً مع وزير النفط في دولة جنوب السودان لابتعاث ممثلين عن حكومة الجنوب لحضور الاستعداد لبدء استئناف التصدير في إطار تعزيز الثقة بين الطرفين. من جهة أخرى، طالب مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع حاملي السلاح في جنوب كردفان بالحوار وتحقيق السلام، وهدد بطردهم عنوة من المنطقة في حال رفضهم ذلك. وقال لدى مخاطبته أمس حفل تأبين رئيس «حزب العدالة» مكي علي بلايل الذي قضى في تحطم طائرة، إن ولاية جنوب كردفان «لن تكون وسيلة من وسائل المعارضة وحبيسة لأطماعها... ندعوهم إلى تحقيق السلام والسعي من بعد ذلك إلى تغيير النظام بما شاءوا. إن أرادو الحوار فهو كذلك وإلا فلن نتوانى في طرد المتمردين منها عنوة». واقترح زعيم «حزب الأمة» المعارض الصادق المهدي الذي تحدث للمناسبة «عقد مائدة مستديرة للاتفاق على النظام الجديد على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا، على أن تتخذ في ذلك الوسائل كافة باستثناء العنف والاستنصار بالاجنبي». وشدد على «ضرورة إقرار نظام ديموقراطي لحكم البلاد باعتباره الأفضل لإدارة الاختلافات سلمياً». على صعيد آخر، تقدم ثلاثة ناشطين بشكوى الى مجلس شؤون الأحزاب ضد الحزب الحاكم. وقال الناشط والكاتب الصحافي فيصل محمد صالح والمحاميان علي أحمد السيد وبابكر عبدالرحمن في الشكوى إن «الحزب الحاكم أعلن تلقيه منحة من الحزب الشيوعي الصيني لتشييد مقره الرئيس في الخرطوم، ما يعد مخالفة لقانون الاحزاب الذي يحظر على الأحزاب تلقي أي دعم مالي من شخص أو جهة أجنبية». وكان مجلس شؤون الأحزاب أحال شكوى ضد ثلاثة أحزاب معارضة وقعت وثيقة «الفجر الجديد» مع تحالف متمردي «الجبهة الثورية السودانية» في العاصمة الأوغندية كمبالا، على المحكمة الدستورية لاتخاذ قرار في شأن اتهامها «بمخالفة شروط التسجيل بالدعوة الى إسقاط النظام باستخدام وسائل غير مشروعة». وكان جهاز الامن والاستخبارات قدم الشكوى إلى مجلس شؤون الاحزاب ضد أحزاب «الأمة» و «المؤتمر الشعبي» و «الحزب الشيوعي»، وطالب بحظرها، واعتبرت المعارضة الخطوة «مؤامرة». وفي تطور آخر، أعلن في الخرطوم امس أن الرئيس المصري محمد مرسي سيزور السودان في الرابع من نيسان (أبريل) المقبل لإجراء محادثات مع نظيره السوداني عمر البشير. وكان رئيس حزب «الحرية والعدالة» الحاكم في مصر سعد الكتاتني كشف خلال زيارته الخرطوم نهاية الأسبوع الماضي الزيارة المرتقبة لمرسي، وسط انتقادات من صحافيين محسوبين على الحزب الحاكم بتجاوز مرسي الخرطوم خلال جولات حملته إلى دول عربية وأفريقية وأوروبية. وتأتي الزيارة في ظل توتر مكتوم في علاقات البلدين على خلفية استضافة القاهرة قادة من حركات التمرد في دارفور. وأثار استقبال «الحرية والعدالة» عدداً من قيادات «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور حفيظة الحكومة السودانية التي أرسلت إشارات واضحة إلى القاهرة تعلن فيها رفضها واستغرابها هذه الخطوة. وأبلغ سفير السودان لدى القاهرة كمال حسن علي الخارجية المصرية باحتجاج الخرطوم على هذا الموقف، معتبراً «استقبال حركة تقاتل ضد الحكومة وتسعى إلى إضعاف الدولة السودانية أمراً غير مقبول». وطلب إيضاحات من الطرف المصري الذي برر الخطوة باعتبارها محاولة لحض الحركة على الانخراط في عمليه السلام.