أجمعت المواقف السياسية اللبنانية، من طرفي الأكثرية والأقلية، على الترحيب بزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لدمشق حيث عقد ثلاثة لقاءات مع الرئيس السوري بشار الأسد. وقال الرئيس السابق للحكومة سليم الحص: «الرئيس الحريري كان شجاعاً في تناسي ما كان يقوله في حق الرئيس الأسد، مقدّماً مصلحة لبنان العليا على أي اعتبار آخر، فبارك الله به. أما الرئيس الأسد فأظهر الكثير من الترفع والكبر إذ تجاوز ما كان يقوله الرئيس الحريري في حق سورية مقدماً سلامة العلاقة بين البلدين الشقيقين على أي حساب آخر، وهو يستحق كل الشكر والتقدير على ذلك». وتمنى أن تكون الزيارة «فاتحة مرحلة جديدة تكون فيها العلاقات مميزة حقاً وتصب في مصلحة البلدين الشقيقين، عسى أن تصب هذه الخطوة في تعزيز حرص البلدين على العمل معاً في خدمة العمل العربي المشترك بوجه عام». ووصف الرئيس السابق للحكومة رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة زيارة الحريري بأنها «مهمة ونتوخى منها الخير حتى توضع العلاقة بين الدولتين على أسس سليمة ونامية ومتحسنة». وقال السنيورة في لقاء شعبي في صيدا: «ننظر بأمل كبير الى أن تسود الثقة بين البلدين الشقيقين وكلنا نعلم أهمية العلاقات التي يجب أن تكون بينها ويجب أن تكون نتائج الزيارة مرضية لهما»، مشدداً على «ضرورة العمل على كل ما يؤدي الى تعزيز العلاقات بينهما وربط المصالح الحقيقية ومن دون أي تأخير أو تلكؤ». ودعا الى «ترجمة عروبة البلدين بعلاقات اقتصادية ومصالح مشتركة حقيقية بينهما. عندما نؤكد مثلاً على الربط الكهربائي بين لبنان وسورية فهذا من ضمن ربط المصالح، وكذلك بالنسبة إلى اتفاقية الغاز التي وقعت بين كل من مصر والأردن وسورية ولبنان، وأيضاً في شأن إعادة تشغيل خط النفط الآتي من العراق عبر سورية الى لبنان». وأضاف السنيورة: «هذه خطوة حقيقية على الطريق الصحيح المؤدي الى تعزيز المصالح المشتركة والى ترجمة الانتماء العربي ترجمة حقيقية لا فكاك منها بعد ذلك». ورأى عضو الكتلة نفسها النائب نهاد المشنوق أن زيارة الحريري «عبّرت عن شجاعة وطنية استثنائية تجاوز فيها نفسه في سبيل استعادة لبنان وسورية لعلاقتهما الطبيعية في كثير من المجالات». وأوضح أن الزيارة «كسرت جليداً وعواصف استمرّت لسنوات وهي تتمة طبيعية لواقعية سياسية ظهرت خلال تشكيل الحكومة. ولا يمكننا الفصل بين ما سبق خلال فترة تشكيل الحكومة وما لحق بها من زيارتين للسعودية أولاً ثم لسورية. فالسعودية هي التي أشرفت على تفاصيل الزيارة للعاصمة السورية فأقفلت واحداً من ملفّات الصراع العربية – العربية وذلك تنفيذاً للقرار الاستراتيجي الحكيم الذي أعلنه العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الكويت بالعمل على استعادة التضامن العربي في ظل متغيّرات دولية وإقليمية». وأكد عضو الكتلة نفسها النائب عاطف مجدلاني «أن الرئيس الحريري لن يوفر أي جهد لمصلحة لبنان، وهو مستعد لزيارة كل دول العالم وفق سياسة «اليد الممدودة» وبالانتصار الذي حققه في 7 حزيران، وبالانتصارات التي حققتها ثورة الأرز». وأضاف: «الرئيس الحريري أخذ قراراً جريئاً وشجاعاً بفصل موضوع الاغتيال عن موضوع العلاقات اللبنانية- السورية، والفصل لا يزال مستمراً». وشدد عضو الكتلة نفسها النائب زياد القادري على «ضرورة بناء علاقات جيدة بين لبنان وسورية على أساس أن لا يكون لبنان مقراً للتآمر والعداء تجاه سورية، وعلى قاعدة الإقرار بالمصالح المشتركة بين البلدين، وإعادة إحياء منظومة العمل العربية العربية المشتركة». ووصف وجود الحريري في السفارة اللبنانية في دمشق وعقده مؤتمراً صحافياً فيها بأنه «مكسب أساسي حققه لبنان بفضل صمود الاستقلاليين والذي هو مبدأ التبادل الديبلوماسي». الكتائب و «القوات» وأعلن عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب إيلي ماروني أن الحزب «لديه الثقة المطلقة بشخص الرئيس الحريري وبأنه سيحافظ على الثوابت الوطنية»، لافتاً إلى أن «الكتائب كانت دائماً تنادي بعلاقات مع سورية على مستوى الدولة وأن تحترم سورية سيادة لبنان». وقال ماروني: «كنا نتمنى لو أن رئيس وزراء سورية أتى إلى لبنان أولاً لتهنئة الحريري بنيل الحكومة ثقة المجلس النيابي»، متمنياً على «السوريين أن يحافظوا على العلاقة حتى تزال الهواجس لدى اللبنانيين». وأسف أمين سر حزب «القوات اللبنانية» العميد المتقاعد وهبه قاطيشا ل «الطريقة التي تمت فيها الزيارة»، منتقداً «الأعراف الديبلوماسية بين لبنان وسورية البعيدة كل البعد عن أصول العلاقات بين الدول السيدة والمستقلة». وقال: «رأينا زيارات من قبل فاعليات لبنانية وأطراف تدور في فلك سورية ذهبت إليها قبل زيارة الحريري وكل ذلك لتقول سورية انها ما زالت مسيطرة على النصف الثاني في لبنان». «حزب الله» و «التنمية والتحرير» وفي مواقف المعارضة، رأى وزير التنمية الإدارية محمد فنيش أن «زيارة رئيس الحكومة انطلاقاً مما أسسه رئيس الجمهورية (ميشال سليمان) في إعادة وتصحيح العلاقة بين لبنان وسورية، تضيف مؤشراً جديداً إلى طبيعة المرحلة المقبلة بأن العلاقة بين لبنان وسورية ولا يمكن لنا أن نتجاوز أو أن نتجاهل الروابط الأخوية ولا حقائق الجغرافيا ولا المصالح المشتركة ولا القضايا المشتركة ولا موقفنا الواحد ولا شعورنا بأننا مستهدفون من هذا العدو». ورأى أن «الزيارة عبّرت عن بداية طي صفحة الماضي بسلبياتها وبداية صفحة جديدة»، آملاً بأن «تسودها كل أجواء التعاونا». وأكد عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي بزي أن «زيارة الرئيس الحريري لدمشق شطبت كل الماضي الأليم وأسست لصفحة جديدة لا نريدها إلا مشرقة». وقال عضو الكتلة نفسها النائب ياسين جابر: «لا شك في أن زيارة الرئيس الحريري لسورية الشقيقة ستقلب صفحة الماضي الى الأبد وتفتح الباب أمام علاقات جديدة بين البلدين من التنسيق السياسي والاقتصادي لمصلحة الشعبين اللبناني والسوري». وأمل عضو الكتلة نفسها النائب علي عسيران بأن «يكون اللقاء بين الرئيسين الأسد والحريري ترجمة لدعم المقاومة في لبنان وسورية والاستفادة من الأخطاء الماضية». الشيخ قبلان وأعلن نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان في مجلس عاشورائي شارك فيه مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، ترحيبه بزيارة الحريري دمشق، معتبراً أنها «تضفي الراحة والسرور على البلاد والعباد وتؤكد أن سورية ولبنان دولتان شقيقتان وعلينا أن نعمل لأحسن العلاقات الأخوية بينهما». ووصف توفيق سلطان زيارة الحريري بأنها «تاريخية بامتياز»، آملاً بأن «تكون نتائجها لخير الشعبين وخطوة أساسية على طريق التضامن العربي في وجه العدو الإسرائيلي». وشكر للسعودية وللملك عبدالله بن عبدالعزيز «جهوده المثمرة على الساحة العربية كلها».