تجنّب المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) الجنرال ديفيد بترايوس دخول السجن، بعد اعترافه بتسريب وثائق سرية لعشيقته السابقة الصحافية بولا برودويل خلال كتابتها سيرته الذاتية، فأمرت محكمة بوضعه تحت المراقبة سنتين، ودفعه غرامة مقدارها مئة ألف دولار. بترايوس (62 سنة) الذي لمع نجمه في محاربة تنظيم «القاعدة» في العراقوأفغانستان قبل إدارته «سي آي إي» عامَي 2011 و2012، طوى الفضيحة أمس، إذ أقرّ بذنبه أمام القضاء الأميركي، في صفقة أنقذته من القضبان لكنها ألحقت ضرراً سياسياً بسمعته وقطعت الطريق على احتمال ترشحه لانتخابات الرئاسة المرتقبة العام المقبل. وأعلنت المدعية العامة جيل ويستمورلاند روز، أن بترايوس أقرّ بذنبه أمام محكمة في ولاية نورث كارولاينا، واعترف بأنه «سحب معلومات سرية واحتفظ بها من دون إذن»، و «كذب على مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) وعلى سي آي إي في شأن امتلاكه معلومات سرية والتلاعب بها». وتحدث المدعي العام جيمس ميلندرس عن ارتكاب بترايوس «جريمة جنائية خطرة»، لافتاً إلى أنه كان «مؤتمناً على أهم أسرار الأمّة، لكنه خان الثقة وكذب على أف بي آي»، علماً أن الجنرال السابق كان مهدداً بسجنه 8 سنوات، لو مثل أمام هيئة محلفين. أما بترايوس فقال: «إنها نهاية محنة دامت سنتين ونصف سنة نتيجة أخطاء ارتكبتها». وقدّم اعتذاراً ل «أقرب الناس إليّ ولكثيرين، بينهم مَن تشرّفت بخدمتهم طيلة سنوات في الحكومة والجيش» عن «ألم سبّبته أفعالي». وتابع: «أتطلّع إلى مرحلة مقبلة من حياتي». وبعد تحقيق دام أكثر من سنتين، أوصى «أف بي آي» بملاحقة بترايوس، إثر العثور على وثائق سرية في كومبيوتر عشيقته كاتبة سيرته بولا برودويل (40 سنة). بترايوس الذي استقال من إدارة «سي آي إي» عام 2012 بعد إقراره بعلاقته مع برودويل، كان أكد أن الوثائق التي اكتُشفت في كومبيوتر عشيقته لا تُعرّض الأمن القومي الأميركي لخطر، لكنه أقرّ في سياق المحاكمة بأنه «حمل» 8 سجلات «فائقة السرية» إلى منزل في واشنطن قضى فيه نهاية عطلة طويلة و «حميمة» مع برودويل صيف 2011، أي قبل توليه إدارة «سي آي إي»، علماً أنها متزوجة وأم لولدين. ثم ترك أحد الملفات المعروفة باسم «الكتب السود»، في المنزل لكي تتمكّن برودويل من «الاطلاع عليه» فيما كانت تكتب سيرته الصادرة عام 2012 بعنوان «بلا ضوابط: مدرسة الجنرال ديفيد بترايوس». وأفادت سجلات المحكمة بأن الملف يحوي معطيات تشمل هويات مخبرين سريين ومعلومات عن كلمات سرّ واستراتيجية الحرب وقدرات استخباراتية ومعلومات مأخوذة من اجتماعات على مستوى بارز لمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض. وعلى رغم أن سيرته الذاتية لا تتضمن معلومات سرية مُستمدة من «الكتب السود»، إلا أن بترايوس تركها في منزل في واشنطن لشهر تقريباً، ثم أعادها إلى منزله في فرجينيا. واتُهِم الجنرال السابق بوضع مواد سرية من دون إذن في منزله، وبالكذب على «أف بي آي» عام 2012، حين نفى إطلاعه برودويل على معلومات سرية. وأمضت الأخيرة ساعات طويلة مع الجنرال، خلال كتابتها سيرته. ومعروف عنهما ممارسة رياضة الجري سوياً، ولو في أفغانستان. وانكشفت علاقتهما بسبب خطأ من برودويل، اذ وجّهت رسائل إلكترونية لامرأة لبنانية الأصل في فلوريدا تُدعى جيل كيلي خوام (37 سنة)، تطالبها بالابتعاد عن بترايوس، علماً أن كيلي هي صديقة للجنرال وعائلته. وبعثت كيلي بالرسائل إلى «أف بي آي»، الذي اكتشف علاقة برودويل ببترايوس واحتفاظها بوثائق سرية. وكانت برودويل تتردد أيضاً على مقرّ «سي آي إي»، بحجة إجرائها مقابلات مع المدير السابق.