حقّّّق عالِم الفلك اللبناني مصطفى شاهين (مواليد 1935) الذي يدير قسماً متخصّصاً في «مختبر الدفع النفّاث» Jet Propulsion Laboratory في باسادينا التابع لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، إنجازاً علمياً للبنان والعرب في المناخ. اذ أطلق أداة متقدمة من شأنها أن تساهم في توسيع الفهم العلمي للمناخ وعناصره، خصوصاً المرتبطة بالتلوث. فبفضل شاهين، بات في استطاعة العلماء، للمرة الأولى، قياس مستوى ثاني أوكسيد الكربون، أحد أهم غازات التلوّث المرتبط بالاحتباس الحراري، في الغلاف الجوي للكرة الأرضية بصورة يومية، وعلى مدار الساعة. وأعلن شاهين عن هذه الأداة خلال اجتماع ل «اتحاد علماء فيزياء الجيولوحيا الأميركيين» في سان فرانسيسكو، مبيّناً أن هذه الأداة تعمل بالارتكاز الى «مجسّ الغلاف الجوي بالأشعة الحمراء» Atmospheric InfraRed Sounder، الذي يُعرف باسمه المختصر «إرز» AIRS. ويشكل «إرز» جزءاً من أدوات رصد هواء الأرض ومياهها، التي يحملها القمر الاصطناعي «أكوا» Aqwa (وترجمة لفظ الاسم هو «قمر الماء»). وفي العام 2002، أشرف شاهين على اطلاق القمر الاصطناعي «أكوا»، من قاعدة ل «الناسا» في فايندبرغ في كاليفورنيا. وبلغ وزن القمر قرابة 3101 كيلوغرام. ووُضِعَ في مدار يعلو الأرض بنحو 243 كيلومتراً. ويشير علماء «ناسا» الى ذلك القمر الاصطناعي باسم «قمر شاهين». وفي حديث مُفصّل عن الإنجاز، أشار شاهين إلى أن تلك الأداة المناخية المتطوّرة تستخدم الأشعة تحت الحمراء في قياس مستويات ثاني أوكسيد الكربون المتراكمة في منتصف طبقة ال «تروبوسفير» من الغلاف الجوي، التي تبعد عن الأرض مسافة تتراوح بين 5 و12 كيلومتراً. ووصفت «ناسا» أداة شاهين الجديدة بأنها الأداة الأولى التي تعطي العلماء معلومات عن ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي بالاستناد الى القياس المباشر، وليس بالاستدلال عنها عبر مؤشرات مرتبطة بمستويات ذلك الغاز الذي يلعب دوراً مهماً في ظاهرتي التلوّث والاحتباس الحراري. وبيّن شاهين أيضاً أن أداته تقيس تحرّكات غاز ثاني أوكسيد الكربون، الذي راوغت قياساته علماء المناخ طويلاً، بأعلى درجة من الدقة العلمية حاضراً، وربما في المستقبل القريب أيضاً. وأوضح أن المعلومات التي تعطيها أداته ستُمكن العلماء أيضاً من قياس نقاط «غرق» ثاني أوكسيد الكربون، وهي نقاط في الكرة الأرضية تمتص ذلك الغاز، ما يساعد على ايجاد نوع من التوازن في مستوياته في الغلاف الجوي. وأعطى شاهين نموذجاً عن المعلومات الجديدة التي ترسلها الأداة الجديدة، والفوارق التي تحدثها في فهم العلماء لغاز ثاني أوكسيد الكربون ودوره في الغلاف الجوي. وبيّن أن العلماء اعتقدوا طويلاً بأن ثاني أوكسيد الكربون ينتشر بصورة منتظمة في طبقة التروبوسفير. وتُغاير المعلومات الجديدة هذا الاعتقاد الراسخ، إذ تبيّن ان هذا الغاز لا يختلط مع بقية مكوّنات الهواء، ويبقى متجمعاً في «كتل». وأوضح شاهين أن هذه المعلومات تغيّر في نماذج الكومبيوتر الافتراضية عن الغلاف الجوي ومناخه وغازاته وحرارته، ما يزيد في وضوح صورة المناخ وتعميقها. والمعلوم ان شاهين يبدي اعتزازه دوماً بأنه أشرف على تجهيز القمر الاصطناعي المتخصص في المناخ «أكوا»، بحيث حمّله بأدوات لقياس دورة الحرارة في الارض والطاقة الاشعاعية والرذاذ والغطاء النباتي لسطح الارض والاعشاب والطحالب البحرية ودرجة حرارة المياه وغيرها. واستطاعت هذه الاجهزة ان ترسم للمرة الأولى، خريطة عالمية تحدّد التوزيع أفقياً لتراكمات غاز ثاني اوكسيد الكربون في الغلاف الجوي للارض، كما جمع القمر الاصطناعي «أكوا» معلومات علمية قيّمة عن درجات حرارة سطح الارض والمحيطات وارتفاع الغيوم وكمياتها وأوضاع الاوزون وغازات الإحتباس الحراري، اضافة إلى قياس درجة حرارة الغطاء الجوي ودرجة الرطوبة فيه وغيرها. وبفضل هذه المعلومات أيضاً، حقق شاهين سبقاً علمياً تمثّل في زيادة مدّة التنبؤ بالاحوال الجوية بمقدار 6 ساعات. وبين عامي 1984 و2001، شغل شاهين منصب رئيس العلماء في «مختبر باسادينا للدفع النفاث». وحينها، تولى أيضاً مسؤولية الإشراف على المركبات الفضائية الآلية غير المأهولة التي أطلقتها «ناسا». وكذلك ترأّس «اللجنة الدولية الخاصة بدراسة دور الطاقة والمياه في الكرة الارضية» لقرابة 9 سنوات. للمزيد: موقع القمر الإصطناعي «إرز» في «مختر الدفع النفّاث في باسادينا» airs.jpl.nasa.gov.