تعدّ المصارف الإسلامية العراقية الخاصة أوراق عمل عن الاستفادة من السيولة المالية الفائضة لديها حالياً، والحاجة إلى توظيفها في مشاريع التنمية، مشيرة إلى إمكان عقد مؤتمر يُكرّس لهذا الهدف خلال الفترة المقبلة، تدعو إليه أوساط داعمة لفكرة تفعيل الاستثمار في العراق. وأكد الأكاديمي المدير المفوض ل «المصرف الوطني الإسلامي» صادق الشمري في مقابلة مع «الحياة»، ضرورة أن «تتوجه المصارف الإسلامية نحو الاستثمار في المشاريع التي تتضمنها برامج الهيئة الوطنية للاستثمار وفروعها في المحافظات»، مشيراً إلى أن «نمو المحافظ الائتمانية والاستثمارية والتوسع في مجال الخدمات والمنتجات التي قدمها المصرف، كان عاملاً محفزاً للمصارف الإسلامية الأخرى لتوسيع نطاق نشاطها، ما انعكس على عوائدها المالية السنوية وحجم المراكز المالية فيها». وأضاف: «إجمالي رأس مال المصارف الإسلامية في العراق يتجاوز بليوني دولار»، لافتاً إلى أن «أوراق العمل التي سيناقشها المؤتمر المقترح تتضمن تفعيل نشاط المصارف الإسلامية من خلال المشاركة العملية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع ذات الصلة ووفقاً لإحكام الشريعة الإسلامية». وشدد على ضرورة «إنشاء صناديق استثمار إسلامية متخصصة في التمويل العقاري تتولى تقديم القروض للمستحقين من دون فائدة». وأضاف الشمري «مشاركة المصارف الإسلامية الخاصة في معالجة المشاكل الاجتماعية، وعلى رأسها البطالة، تنطلق من مسؤولية القطاع المصرفي ككل والإسلامي في تحقيق العدالة الاجتماعية من باب المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقها وإرساء دعائم التنمية المستدامة التي تعني حقوق الأجيال الحالية والمقبلة ومساهمة العائدات المالية لهذه المصارف في دعم نشاطات منتجة، أبرزها تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، عبر قروض ميسرة بهدف القضاء على البطالة ومعالجة التضخم وتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء». وأكد وجود «مشاريع جاهزة للاستثمار ولكنها تفتقر إلى السيولة المالية التي تتوافر لدى المصارف الإسلامية وفق الصيغ التمويلية والاستثمارية التي تحددها سياقات هذه المصارف»، لافتاً إلى النجاح المبهر الذي حققته المصارف الإسلامية في أكثر من 80 دولة عبر تمويل الاستثمار في مشاريع إنتاجية وخدمات. واعتبر انعقاد «هذا المؤتمر في العراق تأكيداً على أهمية إنعاش الاقتصاد وتنمية القطاعات الإنتاجية، وجذب رؤوس أموال محلية وأجنبية تساهم في تحريك عجلة التنمية». وقال: «التجربة المصرفية الإسلامية في العراق حققت نمواً واضحاً على رغم كل المصاعب التي واجهتها، كما زاد حجم انتشارها وموجوداتها وتضاعفت رؤوس الأموال الخاصة بها»، مشيراً إلى وجود «تسعة مصارف إسلامية خاصة ومصرف حكومي واحد في العراق، لديها نحو 100 فرع في المحافظات وتقدم خدماتها على رغم التحديات الكثيرة التي تعيق نشاطها، وأبرزها غياب قانون للصيرفة الإسلامية ينظم أعمالها في المجال الاستثماري». يُذكر أن نشاط المصارف الإسلامية في العراق بدأ عام 1993 وشهد ازدهاراً وانتشاراً واسعاً عزز فرص توطيد حضوره في الساحتين العراقية والعربية عبر شبكة فروعها في الداخل ومراسليها في الخارج. وأشار الشمري إلى أن «المحور الأبرز في المؤتمر المرتقب يتعلق بالتمويل الإسلامي للمشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر التي تعد الأفضل لتحقيق الجدوى الاقتصادية». وأضاف: «هذه المشاريع تواجه صعوبات تحد من نموها لتندرج وتصبح مشاريع كبيرة ذات جدوى اقتصادية، لا سيما أن عدد المشاريع الصغيرة والمتوسطة يبلغ نحو 150 ألف مشروع»، موضحاً: «ان جزءاً من هذه التحديات يتخذ طابعاً إدارياً». وشدد على «ضرورة وجود رؤية إستراتيجية واضحة عن مؤسسات التمويل الصغير لجهة التشريعات، فالاهتمام يبدو كبيراً بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة بينما يدب الإهتمام أيضاً بالمؤسسات التي تموّل هذه المشاريع». وعزا هذا الخلل إلى أسباب عدة، أبرزها «غياب قاعدة البيانات والمعلومات المناسبة عن المشاريع الصغيرة من أجل تقدير المتطلبات التمويلية لها، كما يجب أن يُتاح لها الحصول على المواد الخام المستوردة والتي تشكل عبئاً على المنتج، وبالتالي ارتفاع الكلفة». وأعرب الشمري عن أمله في «الاستفادة من مخرجات مبادرة رئيس الوزراء حيدر العبادي الخاصة بدعم القطاع الخاص وتطويره، وإمكان الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية»، مشيراً إلى أن إستراتيجية الدولة في دعم القطاع الخاص وتقليص الاعتماد على النفط من خلال تنشيط القطاعات الإنتاجية وتعزيز أداء القطاع المصرفي، تأتي ضمن إطار المبادرة الحكومية التي تحتاج أيضاً تشريعات داعمة وإيجاد شراكة مع الدولة». ولفت إلى «ان توجيه المركزي العراقي أخيراً بدعم المصارف كافة بما نسبته خمسة في المئة من الخطة الائتمانية بهدف منح القروض لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة».