أعلنت باريس أمس (السبت) عن قيام وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بزيارة إلى الرياض اليوم (الأحد)، يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لبحث «أزمات منطقة الشرق الأوسط، وتوطيد العلاقات بين الرياضوباريس، خصوصاً في الجانب الاقتصادي والتجاري». وأوضحت الخارجية الفرنسية في بيان لها أمس (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، أن «فابيوس سيتوجه إلى السعودية اليوم (الأحد) لإجراء محادثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والعديد من المسؤولين السياسيين السعوديين، خصوصاً ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، ووزير الدفاع رئيس الديوان الملكي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن سلمان، ووزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، ووزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي، ورئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة وهي الهيئة المكلفة بشؤون الطاقة النووية للأغراض المدنية». وأكد البيان أن «فابيوس سيعرب لمناسبة أول زيارة يقوم بها إلى المملكة منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز، مقاليد الحكم عن حرص باريس على الصداقة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين»، موضحاً أن «اللقاء مع المسؤولين السعوديين يبحث الأزمات في الشرق الأوسط، والعمل على تعزيز العلاقات الفرنسية - السعودية في المجالات كافة، لاسيّما الاقتصادية والتجارية». إلى ذلك، شدد تقرير نشرته «الخارجية» الفرنسية على أن الرياضوباريس تربطهما علاقات سياسية وثيقة وزاخرة، مشيراً إلى أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زار المملكة في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي برفقة وزير الشؤون الخارجية لوران فابيوس، ووزيرة التجارة الخارجية نيكول بريك، وتم خلال الزيارة التأكيد على أهمية تعزيز التعاون بين الرياضوباريس، والتأكيد على أهمية هذه العلاقات في حفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، وتأثير ذلك في حل كثير من قضايا المنطقة. وأوضح التقرير أن «السعودية تتصدر قائمة الشركاء التجاريين لفرنسا في منطقة الخليج، كما أنها تحتل المرتبة الثانية من بين شركاء باريس على صعيد الشرق الأوسط ب8,7 بليون يورو في 2012 بعد تركيا التي يبلغ حجم التبادل التجاري بينها وبين فرنسا 12,6 بليون يورو». وشدد التقرير على أن السعودية «تمثل سوقاً مهمة للمنشآت الفرنسية في معظم القطاعات، إذ بلغ حجم صادراتها إلى المملكة في 2012 ما يزيد على 3,2 بليون يورو، ما يضع فرنسا في المرتبة السابعة من بين المصدرين إلى المملكة»، مضيفاً أن «العلاقات الاقتصادية الفرنسية - السعودية تشهد في هذه المرحلة نشاطاً ملحوظاً، إذ تعتبر فرنسا ثالث مستثمر أجنبي في السعودية، إذ قُدر حجم الاستثمارات الفرنسية بها في نهاية 2010 ب15,3 بليون دولار، وذلك وفقاً للإحصاءات السعودية». وكشف التقرير أن التعاون الفرنسي مع السعودية يتسم في المجالين الثقافي والتقني بالنشاط والسعي إلى الاستجابة للأولويات التي تضعها الرياض، مشيراً إلى أن هذا التعاون يرتكز على محاور رئيسة هي التعليم الجامعي والمهني، والتعليم في مجال الصحة، وتعزيز التعاون في المجال التعليمي واللغوي والثقافي. ونوه التقرير بإنشاء جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وقال إن «الجامعة مخصصة لتعليم النساء حصرياً، وهو ما أوجد شراكات جديدة مع فرنسا في هذا الجانب، خصوصاً مجالي التدريب التقني والتعليم المهني». وفي مجال الصحة، أكد التقرير أن «برنامج التدريب للمتخصصين أتاح استقبال بضع مئات من الأطباء السعوديين في فرنسا منذ 2006، ويجري اختيار عشرات الأطباء على مستوى العالم سنوياً لمتابعة برنامج تدريب لغوي لمدة عام قبل انضمامهم إلى المراكز الطبية الجامعية الفرنسية، فيما يمثل الأطباء السعوديون ما يقرب من ثلث هؤلاء الأطباء». وأكد التقرير أن التعاون مع الرياض في مجال القضاء هو «أحد مجالات التطبيق النموذجية بين البلدين»، إذ وقعت الرياضوباريس في هذا المجال «إعلان نوايا يتيح تنفيذ أنشطة تعاون في المجالات الآتية: تبادل الخبرات القانونية، والتدريب، وحلقات التدريس، والتدريب على إدارة الهيئات القضائية». وكشف، أن «الاتفاق الذي وقّع بين معهد الإدارة العامة في المملكة، والمدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا في كانون الأول (ديسمبر) 2010 أتاح تنظيم وتدريب 10 قضاة إداريين بباريس في 2013». فيما أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، عمق العلاقة الفرنسية - السعودية، موضحاً خلال زيارته إلى المملكة في ال29 ديسمبر 2013 أنها علاقة تاريخية ومنذ عقود. وأشار في مؤتمر صحافي عقده بمقر السفارة الفرنسية بالرياض آنذاك إلى أن السعودية وفرنسا طورتا هذه العلاقة منذ شهور بتعزيز التعاون بين البلدين، وذلك خلال تصاعد الأزمات الدولية العربية والإقليمية، إذ كانت اتجاهات البلدين السياسية والمواقف من هذه الأزمات متقاربة كثيراً»، مشدداً على أن «إرادة المملكة وفرنسا تجتمع حول قضية البرنامج النووي الإيراني في حصول إيران ومتابعة برنامجها في الطاقة النووية المدنية ومن حق الجميع الحصول على هذه الطاقة السلمية التي تحقق التقدم في المستقبل، ولكننا ضد نشوء وانتشار الطاقة النووية العسكرية لإيران ونقف ضدها، وذلك للحفاظ على أمن المنطقة المهم لدينا».