استقبل خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في روضة خريم أمس الأحد الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، والوفد المرافق له. ورأس خادم الحرمين الشريفين والرئيس الفرنسي جلسة مباحثات رحب في مستهلها الملك بالرئيس فرانسوا هولاند، متمنياً له ولمرافقيه طيب الإقامة في المملكة. من جانبه، أعرب الرئيس الفرنسي عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين على حسن الاستقبال الذي لَقِيَه ومرافقوه في المملكة. عقب ذلك جرى بحث آفاق التعاون بين المملكة وفرنسا وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين في جميع المجالات، كما بحث الجانبان مجمل الأحداث والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية وموقف البلدين الصديقين منها. إثر ذلك وبحضور خادم الحرمين الشريفين والرئيس فرانسوا هولاند جرت مراسم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الصحية بين وزارة الصحة في المملكة ووزارة الشؤون الاجتماعية والصحة في الجمهورية الفرنسية، وقعها عن الجانب السعودي وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة وعن الجانب الفرنسي وزير الخارجية لوران فابيوس. حضر الاستقبال والاجتماع وتوقيع المذكرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل والأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير، والأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين، ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف ورئيس ديوان ولي العهد مستشاره الخاص الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، كما حضر من الجانب الفرنسي وزير الخارجية لوران فابيوس، ووزيرة التجارة الخارجية نيكول بريك، ووزير التطور والإنتاج الصناعي أرنو مونتبورغ، ووزير الدفاع جان إيف لو دريان، وسفير الجمهورية الفرنسية لدى المملكة برتران بزانسونو، وقائد الأركان التابع لرئاسة الجمهورية الفريق أول بونو أبوغا، والمستشار الدبلوماسي للرئيس بول جان أورتيز، ومستشار إفريقيا والشرق الأوسط لدى رئاسة الجمهورية إيمانويل بون، ومدير قسم شمال إفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية جان فرانسوا جيرو. بعد ذلك عقد خادم الحرمين الشريفين والرئيس فرانسوا هولاند اجتماعاً ثنائياً حضره صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. ثم أقام خادم الحرمين الشريفين مأدبة غداء تكريماً للرئيس فرانسوا هولاند والوفد المرافق له، حضر المأدبة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز. وكان رئيس الجمهورية الفرنسية وصل إلى الرياض أمس الأحد في زيارةٍ إلى المملكة، وكان في استقباله في الصالة الملكية لمطار الملك خالد الدولي، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. وبعد استراحة قصيرة في المطار، صحب ولي العهد الرئيس الفرنسي إلى مقر إقامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في روضة خريم. وضم الوفد المرافق للرئيس الفرنسي، وزير الخارجية لوران فابيوس، ووزير التجارة الخارجية نيكول بريك، ووزير التطوير والإنتاج الصناعي أرنو مونتبورغ، ووزير الدفاع جان إيف لو دريان وعدداً من كبار المسؤولين في الحكومة. قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن باريس على علم بأن المملكة العربية السعودية تعمل على محاربة المتطرفين في سوريا، مشدداً على أن حل المشكلة السورية يكمن في السير في مرحلة انتقالية. وأكد هولاند، خلال مؤتمرٍ صحفي عقده مساء أمس الأحد في الرياض، أن بلاده تتمتع بشراكة عسكرية وتعاون مشترك دائم مع المملكة، وتابع «اتفقنا على زيادة التعاون الاقتصادي مع المملكة، وهذه الزيارة اشتملت على ملفات سياسية واقتصادية»، معتبراً أن التعاون الدفاعي مع المملكة هدفه استقرار المنطقة وليس موجَّهاً ضد أحد. وكشف هولاند خلال هذه الزيارة، وهي الثانية له إلى المملكة منذ توليه الرئاسة في فرنسا منتصف العام الماضي، أن هناك شركات عسكرية فرنسية تعمل في المملكة في مجالات الصواريخ والأقمار وبناء السفن والغواصات، مؤكداً أن الشراكة بين البلدين زادت خلال الشهور الماضية. وأوضح هولاند أن اللجنة ستنعقد في شهر مارس المقبل للنظر في التوجه السعودي لبناء مفاعلات نووية سلمية لأغراض الطاقة، مبيِّناً أن «باريس تنظر بعين الاعتبار إلى التوجه السعودي لبناء مفاعل نووي سلمي، إذ إن هناك لجنة ستنعقد في مارس المقبل لبحث ملف المفاعل النووي السعودي السلمي»، دون أن يحدد الجهات المشاركة في اللجنة. كما لفت إلى شراكات اقتصادية تم توقيعها في المملكة تتعلق بمشاريع المترو والحافلات التي تنفذها السلطات السعودية. ووفقاً لهولاند، وقعت المملكة وفرنسا تفاهماً يتعلق بتطوير مشاريع في مجالات الصيدلة والبحوث والمبادرات الجامعية. وعن الوضع في مصر ولبنان، شدد هولاند على دعم باريس خارطة الطريق الانتقالية في مصر، وتابع بالقول إن «هناك موقفا مشتركا مع الرياض بشأن وحدة واستقلال لبنان». وعن إيران، قال :لن نرفع العقوبات عن إيران إلا بعد تأكُّدِنا من التزام طهران باتفاق جنيف الأخير»، موضحاً أن مباحثاته مع خادم الحرمين الشريفين حول إيران اتسمت ب «حكمة من قِبَل الملك عبدالله، فلديه رؤية ويريد إيجاد حلول لجميع الأزمات المطروحة في الساحة، لاسيما سورياولبنان». وعن الملف السوري، أوضح هولاند أن بلاده تعمل على إنجاح مرحلة انتقالية وأنها تدعم الائتلاف الوطني السوري، وقال «السعودية كما تعلم فرنسا تعمل على محاربة المتطرفين في سوريا»، مشدداً على أن الحل لمشكلة سوريا لن يكون إلا من خلال مرحلة انتقالية. وأكد هولاند أن «فرنسا والسعودية تعلمان أن بشار الأسد استخدم السلاح الكيمياوي في سوريا»، مطالباً ب «إنهاء الأزمة السورية بسبب تداعياتها على لبنان والمنطقة برمتها». واعتبر الرئيس الفرنسي مؤتمر جنيف- 2 ضرورياً من أجل التوصل إلى نتائج للأزمة السورية. وبخصوص تقديم المملكة مساعدات عسكرية إلى لبنان بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وصف هولاند هذا الموضوع بأنه «سيادي بين دولتين ولا يصح الحديث فيه». ووصل الرئيس الفرنسي المملكة أمس يرافقه وفدٌ ضمّ ثلاثين مستثمراً فرنسياً وأربعة وزراء من حكومته. وتتجه فرنسا إلى المشاركة في مشاريع اقتصادية سعودية على الرغم من أن التبادل التجاري بين البلدين يُقَدَّر ب 8 مليارات يورو خلال العام الجاري. وتسعى فرنسا إلى المشاركة في بناء مفاعل نووي سعودي للأغراض السلمية وفي إقامة مشاريع في مجالي تحلية المياه والنقل العام. سياسياً، اتفق البلدان على تجديد مواقفهما إزاء الملفين السوري و»النووي الإيراني»، كما اتفقا على تعزيز التعاون الاقتصادي، وذلك خلال اجتماع خادم الحرمين الشريفين والرئيس الفرنسي أمس في الرياض.