أكد رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين الدكتور حسام الدين مصطفى أن الترجمة في العالم العربي تشهد تردياً بسبب «النظرة إلى الترجمة على أنها نشاط ثقافي فقط، من دون اعتبارها صناعة»، متوقعاً أن تشكل صناعة الترجمة أحد مصادر الدخل القومي. وأضاف في حديث ل«مدرسة الحياة»، على هامش مشاركته في مؤتمر لدعم اللغة العربية أقيم في «الجامعة العربية» بمناسبة الاحتفال بيوم المترجم، أن دور المترجم حالياً "ينبغي أن يتجه إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن العرب والإسلام، وتقديم التراث العربي إلى الغرب". إلى نص الحديث: مناسبة الاحتفال بيوم المترجم، ما تقييمك لوضع الترجمة في مصر والدول العربية؟ الوضع في مصر والدول العربية متردٍ للغاية، والسبب النظرة إلى الترجمة على أنها نشاط ثقافي فقط، فيما أصبحت في العالم صناعة مهنية. ماذا تعني بكلمة «صناعة»؟ الكلمة لها شقان. الشق الأول يتعلق بكون الترجمة مهنة لها مدخلات وأسس، والثاني يتعلق بالجانب الاقتصادي لممارسة الترجمة، وأنها ليست فقط ترفاً ثقافياً أو أدبياً، ولكنها مصدر للدخل. وإذا تعاملنا مع الترجمة باعتبارها نشاطاً استثمارياً، من الممكن أن تصبح العائدات الاقتصادية منها مصدراً من مصادر الدخل القومي للدول العربية. إلى أي مدى وصلت صناعة الترجمة في العالم؟ وصلت إلى مرتبة جعلتها في المرتبة الثالثة في قائمة أكبر الممارسات التجارية، بحجم معاملات يصل إلى 50 بليون دولار. وهذا يعود بالطبع إلى أن هناك مؤسسات ضخمة عالمية تضع معايير لسوق الترجمة، لضبط الصناعة. هذا بالنسبة إلى وضع الترجمة، فماذا عن وضع المترجم العربي؟ البيئة الثقافية ظلمت المترجم العربي، فالمترجمون العرب لديهم إلمام واسع باللغة الأجنبية وثقافة الدول الأجنبية، ولكن ليس لديهم أي إلمام بأوضاع السوق العالمية للترجمة والبرمجيات المستخدمة في الترجمة. وفي العالم العربي هناك لغات ليس لديها سوق عمل. كما لا توجد كيانات لممارسة مهنة الترجمة، فلم يعد لدينا ترخيص لممارسة مهنة الترجمة. هل هذا ناتج عن عدم وجود نقابة للمترجمين في مصر وغالبية الدول العربية؟ بالطبع، فدور النقابات المهنية لا ينحصر فقط في تقديم الدعم المادي والمعنوي والقانوني للأعضاء، ولكن أيضاً يتعلق دور النقابة بتنظيم ممارسة المهنة ووضع ميثاق شرف مهني. أما الآن، فمن الممكن أن يمارس الترجمة أي شخص، ما أدى إلى عدم حماية العميل وظلم المترجم المحترف. كما ساهم عدم وجود نقابة للمترجمين في ظهور الوسطاء في مجال الترجمة، والوسيط يشكل حلقة وسط بين العميل والمترجم مقابل نسبة من تكاليف الترجمة، ما ساعد على ظهور التلاعب في سوق العمل. دور المترجم ما رأيك بخصوص حذف مادة «تعريب» العلوم في دستور 2014؟ لقد حذفت مادة تعريب العلوم وحل محلها مادة تشجيع الدولة لحركة الترجمة، ولكن في الحالين المشكلة قائمة، وهي تتعلق بسوق الترجمة في مصر. وفي حال التعريب سيكون الاعتماد على المتخصصين في العلوم الذين لديهم إلمام باللغة التي يتم التعريب منها، وغالباً هي اللغة الإنكليزية، لأن المترجم المصري غير مؤهل للترجمة العلمية لدراسته الأدبية. والحل الآخر يتمثل في نقل المترجم للمصطلحات الأجنبية، بينما يقوم بمرجعتها متخصص في العلم الذي تًنقل منه المصطلحات لضمان ضبطها، ودقة نقلها. أما بخصوص التعريب ذاته، فهو أمر مطلوب جداً، لأن كل العلوم في الأصل انتقلت من العربية وتم تطويرها، فما الذي يمنعنا من نقل العلوم الأجنبية إلى العربية وتطويرها؟ ما الدور الذي يجب أن يلعبه المترجم العربي حالياً؟ يعد المترجم مرآة للعالم العربي، ويتعاظم دوره في ظل الأحداث الحالية. فالمترجم المؤهل يمكنه أن يعكس صورة لحقيقة الوضع في وطنه العربي، خاصة في ظل العمليات الإرهابية والصورة المغلوطة لدى الغرب عن العرب والمسلمين. وفي ظل هجمات 11 سبتمبر على أميركا، تصدى المترجمون لوصف العرب بالإرهابيين، ولكن كان ينقصهم أن تجمعهم مؤسسة لتنظيم جهودهم الفردية. ومن جهة أخرى، أريد أن أشدد على ضرورة ترجمة التراث العربي إلى اللغات الأجنبية، مثلما لدينا الحرص على ترجمة التراث الغربي إلى اللغة العربية. وبهذه الطريقة سنطلع الغرب على عمق الحضارة العربية. ما السبب في تراجع اللغة العربية بين لغات العالم؟ العرب أنفسهم هم السبب لعدم حرصهم على الالتزام بقواعد اللغة. لنضرب بالترجمة مثلاً، لقد ناقشنا في مؤتمر عن اللغة العربية في الجامعة العربية أن الترجمة أصبحت «الباب الخلفي» لتدمير اللغة العربية عبر إدخال تعبيرات أجنبية إليها، على رغم وجود الكلمة أو المصطلح المقابل في اللغة العربية.