أكدت دراسة أعدّتها «غلف تلنت دوت كوم»، تأثر المهنيين العاملين في منطقة الخليج بالأزمة الاقتصادية في شكل ملحوظ خلال هذه السنة، إذ لم يتلق ثلث عددهم أي زيادة في الرواتب، وفقد واحد من عشرة أشخاص وظيفته. وأشارت دراسة بعنوان «التوظيف وحركة الرواتب في الخليج 2009 – 2010»، إلى «انخفاض معدلات زيادة الرواتب بحدة، بنسبة 6.2 في المئة في مقابل 11.4 في المئة في الفترة ذاتها من العام الماضي». وكانت الإمارات الأكثر تأثراً بانخفاض الرواتب، إذ تقلّصت زيادات الرواتب من 13.6 إلى 5.5 في المئة فقط نتيجة انكشاف القطاع العقاري على أزمة المال العالمية. وسجلت مستويات الرواتب في الكويت تراجعاً ملموساً من 10.1 إلى 4.8 في المئة، بعد هبوط قيمة استثماراتها المالية. أما في المملكة العربية السعودية، فبلغت نسبة زيادة الرواتب 6.5 في المئة في مقابل 9.8 في المئة العام الماضي، مسجلة أقل نسبة انخفاض بين الدول الخليجية، إذ عززت مشاريع البنية التحتية التي تنفذها الحكومة السعودية النشاط الاقتصادي. وعلى صعيد القطاعات، حصل العاملون في مجال تدقيق الحسابات على أكبر زيادة في الرواتب، بلغت 7.5 في المئة، بعد ازدياد الطلب على خدماتهم بفعل انهيار مؤسسات كبيرة حول العالم نتيجة الأزمة، وحصل العاملون في مجال الموارد البشرية على أقل زيادة هذه السنة، بلغت 4.8 في المئة، نظراً إلى تأثر عمليات التوظيف بتداعيات أزمة المال العالمية وعدم بقائها على سلّم أولويات المؤسسات في المنطقة. ولفت التقرير الى أن ميزان القوة انتقل «من طالبي الوظائف إلى جهات التوظيف بسبب انخفاض الطلب على الكوادر المهنية، وتوافر أعداد أكبر من طالبي العمل على المستويين المحلي والدولي، ما أفضى إلى تخفيف الضغط على معدلات الرواتب. وأعلن 60 في المئة من المهنيين الذين شملهم التقرير، عدم تلقيهم أي زيادة في الرواتب هذه السنة، مقارنة بزيادة 33 في المئة العام الماضي. فيما معظم الحالات التي حصلت على زيادة على الراتب، كان نتيجة الأداء العام الفائت، وتمت الموافقة على هذه الزيادات قبل أن تتضح أبعاد الأزمة. وفي وقت تباطأت معدلات الزيادة في الرواتب مقارنة بسنوات الازدهار، تبقى تلك المعدلات عالية، إذا قورنت بمناطق العالم الأخرى، إذ لا يزال التباطؤ في المنطقة أقل حدةً مقارنة بأسواق الولاياتالمتحدة وأوروبا. وتُقدر معدلات الزيادة في رواتب القطاع الخاص في بريطانيا ب 1.5 في المئة وفي الولاياتالمتحدة 3.7 في المئة. ولاحظت الدراسة، وللمرة الأولى خلال سنوات، تفوّق معدلات زيادات الرواتب في معظم دول الخليج على معدلات التضخم، إذ تحسّنت مستويات المعيشة وإمكانات الادخار لدى الموظفين الذين لم يفقدوا وظائفهم بخاصّةٍ في دبيوالدوحة، حيث انخفضت الإيجارات السكنية أكثر من 30 في المئة هذه السنة. فقدان الوظائف وفقد 10 في المئة من المهنيين وظائفهم في أنحاء الخليج، وسجلت أعلى نسبة في الإمارات (16 في المئة)، وأدناها في سلطنة عُمان (6 في المئة). وبحسب القطاعات، شهد القطاع العقاري أكبر معدل فقدان وظائف (15 في المئة)، وكانت الفئات الأعلى تأثراً بفقدان الوظائف، فئة التنفيذيين (13 في المئة) والوافدين من الدول الغربية (13 في المئة). وكانت حالات إنهاء خدمات المواطنين الخليجيين أقل من المعدّل، فبلغت 9 في المئة، بسبب القيود الحكومية على إنهاء خدمات رعاياها والتي باتت أكثر تشدّداً خلال الأزمة. وبما أن إنهاء الخدمات ليس خياراً، اعتبر أرباب أعمال في مقابلات مع «غلف تالنت دوت كوم»، أنهم أصبحوا «أكثر حذراً في توظيف خليجيين». وعلى رغم عودة عدد من اليد العاملة الوافدة التي فقدت عملها إلى بلدانهم، لفتت الدراسة إلى أن «كثراً منهم وجدوا وظائف في مناطق أخرى في الخليج، وانتقل كثر من دبي إلى أبو ظبي أو الدوحة أو السعودية». وأظهرت بيانات الدراسة أن «من بين الوافدين المقيمين في إمارة دبي، ارتفع عدد العاملين في أبو ظبي ثلاثة أضعاف خلال العام الماضي». ولاحظت أن للسوق السعودية «وضعاً استثنائياً خلال هذه السنة، نظراً إلى حجمها الكبير والنمو المتواصل في بعض القطاعات، إذ تمكنت شركات كثيرة من تحقيق معدلات نمو في أعمالها، معوضةً الحد من نشاطها في أماكن أخرى». وعلى نحو مشابه في المنطقة، استفادت شركات من أعداد مرشحين أكفّاء للعمل للتخلص من غير أكفّاء. وأكد 15 في المئة من الشركات المشمولة بالدراسة، انها تنوي تقليصاً إضافياً في عدد اليد العاملة لديها، بينما توقع 51 في المئة منها زيادة عدد موظفيها. ورجحت الدراسة زيادة معينة في نشاطات التوظيف العام المقبل، لكنها حذرت من أن حجم عمليات التوظيف لن يصل في الأمد المنظور إلى مستويات ما كان خلال سنوات الطفرة. وتوقعت الدراسة مستندة إلى تقديرات الشركات، أن يبلغ معدل زيادة الرواتب 6.3 في المئة العام المقبل، وتتربع على رأس القائمة سلطنة عُمان بنسبة 9.7 في المئة، وأدناها 4.2 في المئة في الكويت.