لقيت قمة الرياض الرباعية التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمصالحة العربية وطي صفحات الماضي، أصداء واسعة عربياً وعالمياً على المستويين الرسمي والشعبي. ويثبت الملك عبدالله دائماً أنه مهندس سياسي محنك في لم شمل الأمة العربية والإسلامية. ويترجم الملك عبدالله – قائد المصالحة العربية – أقواله في جميع المحافل الدولية إلى أفعال، آخرها بانعقاد قمة الرياض الرباعية أول من أمس، التي جاءت لما فرضه خلال القمة الاقتصادية التي عقدت في الكويت في 19 و20 كانون الثاني (يناير) الماضي، ناهيك عن الحلول التي قدمها في مؤتمر جدة لمعالجة أسعار النفط ودعم صندوق الفقراء، إضافة إلى الإسهام في تقديم حلول للأزمة المالية العالمية. وجاءت القمة الرباعية في إطار تحرّك عربي نحو التقارب والمصالحة، تمهيداً لإنجاح القمة العربية المقررة نهاية الشهر الجاري في العاصمة القطرية، التي يتوقع الجميع أن تكون قمة «فارقة» في مسيرة العمل العربي المشترك. وفي هذا الشأن، أكدت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان أمس أن قمة الرياض الرباعية كانت «جيدة جداً»، وأن الحوار بين القادة كان صريحاً. وأوضحت في تصريحات صحافية أن «الحوار بين القادة كان صريحاً للغاية»، لافتة إلى أن المحادثات تطرقت إلى كل المواضيع التي تخدم مصلحة الشعب العربي وحقوقه. وقالت إن «أجواء اللقاء كانت أخوية بامتياز، واتفق القادة العرب على استكمال المشاورات في ما بينهم من أجل الإعداد الجيد لقمة الدوحة، حتى تخرج بقرارات موحّدة تخدم المصالح العربية العليا». من جهته، وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أمس قمة الرياض ب «الخطوة المهمة» على طريق معالجة الانقسامات العربية وإصلاح الموقف العربي. وأوضح موسى ل«وكالة أنباء الشرق الأوسط» أن القمة المصغرة «جاءت في لحظة مناسبة تماماً»، لافتاً إلى أن هذه الجهود ستظل مستمرة لإصلاح الموقف العربي نفسه، ومن أجل تحقيق المصلحة العربية العليا ومواجهة التحديات الخطيرة الموجودة إقليمياً ودولياً. ونقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» أيضاً عن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير سليمان عواد قوله إن قمة الرياض الرباعية كانت «ناجحة»، موضحاً أن القادة اجتمعوا في المطار، ثم في قصر خادم الحرمين الشريفين مرة أخرى، ثم ذهبوا إلى عشاء وبعده عقدوا اجتماعاً مغلقاً، ثم اتجهوا إلى عقد اجتماع موسّع حضره مساعدان من كل جانب. صكما استأثرت قمة الرياض الرباعية باهتمام الصحف السورية الصادرة أمس، وتصدرت الصفحات الأولى في هذه الصحف، واعتبرتها بداية مرحلة جديدة لخدمة القضايا العربية، إذ قالت صحيفة «تشرين» الحكومية إن «قمة الرياض الرباعية ستكون لها انعكاسات جيدة، ستجعل من القمة العربية ال21 المزمع عقدها في الدوحة أواخر الشهر الجاري قمة مميزة بحق، وقمة مطهرة للمصالحة العربية - العربية». فيما قالت صحيفة «البعث» إن قمة الرياض والبيان الصادر عنها يعتبران بداية مرحلة جديدة من التعاون، والاتفاق على منهج موحّد لمواجهة القضايا العربية الأساسية. بينما ركزت الصحف اللبنانية الصادرة أمس (الخميس) على القمة العربية المصغرة التي انعقدت أول من أمس (الأربعاء) في الرياض، وجمعت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوري بشار الأسد وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح. وتأتي هذه القمة استكمالاً لما بدأ في قمة الكويت من دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لطي صفحة الماضي، وتجاوز الخلافات لمصلحة الأمة العربية. بدوره، أعرب مصدر رسمي في وزارة الخارجية القطرية عن ترحيب بلاده باجتماع القمة، ووصفها بأنها تهدف إلى تنقية الأجواء وتحقيق المصالحة العربية. وأشاد المسؤول القطري - بحسب وكالة الأنباء القطرية - بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ودوره في تجاوز الخلافات وتحقيق المصالحة ولمّ الشمل، لما فيه خير ومصلحة الأمة العربية، مؤكداً دعم بلاده ومباركتها لتلك الجهود. بينما نوّه نائب رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي بمبادرة خادم الحرمين في قمة الكويت، وما تبعها من جهود لرأب الصدع وجمع الكلمة، داعياً إلى مواصلة هذه الجهود واستمرارها، وأحدثها قمة الرياض الرباعية. وأشار خلال افتتاح أعمال الدورة الثانية للمؤتمر العام الرابع للتجمع اليمني للإصلاح، إلى ما تعيشه الشعوب العربية والإسلامية في الوقت الراهن من حال ضعف ووهن، تتطلب تضافر الجهود الرسمية والشعبية لإخراج الأمة من هذا الوضع. واعتبر القادة العرب الأربعة الذين شاركوا في القمة العربية المصغرة في الرياض أن لقاءهم «بداية لمرحلة جديدة» من التعاون والسعي إلى الاتفاق على سياسة موحّدة إزاء القضية الفلسطينية، على أن تستمر الجهود ل«تصفية» الأجواء العربية.