لم يعد دفتر التحضير وسجل درجات الطلاب وأوراق الاختبارات، تتصدر أسطح مكاتب المعلمين والمعلمات في عدد من مدارس المملكة، إذ باتت عروض القروض الشخصية. التي توزعها المصارف السعودية على غرف المعلمين، مصدراً لتجدد آلامهم التي سببها تفريغ قرار استحداث 204 آلاف وظيفة تعليمية لتعديل أوضاعهم. فعلى رغم أن قضية المعلمين والمعلمات ما زال ينظر فيها داخل أروقة المحاكم، وتعقد لها لجان وزارية للحد من سخط المعلمين، إلا أن المصارف تسابقت خلال الأسبوعين الماضيين على غرف المعلمين والمعلمات في المدارس، وأطلقت لهم جملة من العروض عبر مظاريف خاصة، دوّن عليها «عرض خاص بالمعلمين والمعلمات». وقدمت المصارف للمعلمين جملة من المميزات الخاصة، في القروض الشخصية، تبدأ برفع سقف التمويل إلى 18 راتباً، وخفض نسبة الفائدة إلى 3.5 في المئة طوال فترة السداد. فيما تراوحت الفائدة على بقية موظفي الدولة بين 4.25 و5.25 في المئة، ولا يتجاوز 16 راتباً كحد أعلى لتمويله خلال خمس سنوات. كما أضافت المصارف للمعلمين والمعلمات «إمكانية السداد المبكر للقرض مع إسقاط فوائد السنوات المتبقية». وقال مصدر في أحد المصارف التي تقدم قروضاً شخصية للمعلمين ل«الحياة»، إن «المصرف يملك قاعدة بيانات لجميع رواتب المعلمين والمعلمات، من خلال تحديد المستوى والدرجة، واحتساب البدلات التي قد يحصل عليها المعلمون، واستخدمنا هذه القاعدة في تسويق منتجاتنا عليهم». واستقبل المعلمون هذه المظاريف والعروض بمزيد من الامتعاض، في ظل وهم كثير من المصارف أن رواتب المعلمين قفزت إلى مستويات «مُغرية» لجذبهم. وأحجم أكثرهم عن الخوض في تفاصيلها، معتبرين انها «استغلال واضح» لهم، وبخاصة أن رواتبهم بقيت كما هي، من دون تغيير، إلا من زيادات وصلت في أدناها إلى 10 ريالات. وطالب المعلم طارق الرشيد، أن «تقدر المصارف المهمة الملقاة على عاتق المعلمين، وأن تستفيد في الوقت ذاته من 400 ألف معلم ومعلمة في المملكة، وتقدم لهم عروضاً حقيقية، بعيداً عن استغلال زيادات طفيفة في رواتبهم». وتساءل عن دور المصارف في «دعم التعليم في المملكة، وإنشاء المدارس، وتطوير بيئات أرقى للتعلم، واقتصار دورها على البحث عن مضاعفة أرباحها السنوية على حسابنا». ولفت إلى أن غالبية زملائه «أداروا ظهورهم إلى تلك العروض، على رغم تمييز المصارف للمعلمين عن باقي موظفي الدولة». وأرجع ذلك إلى «ارتفاع مستوى الوعي لديهم، وعدم سهولة إقناعهم بزيادة في قيمة التمويل، لتكون على حساب الأقساط الشهرية». وجمع عدد من مديري المدارس العروض التي أوصلتها المصارف إلى غرف المعلمين، وأخرجوها «لعدم نظاميتها». وطالبوا المصارف بأن «تتخذ الطرق الرسمية في التسويق، بعيداً عن الدخول في المدارس، وإشغال الأوساط التعليمية بعروض مصرفية».