يأتي اللقاء الأول بين المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في مرحلة تشنج مبكرة في العلاقات بين الادارة الأميركية والحكومة اليمينية، اذ كشفت مصادر موثوقة ل «الحياة» أن زيارة نتانياهو لواشنطن خلال ثلاثة أسابيع قد تؤجل بسبب هذه الأجواء، وأن الادارة الأميركية تدرس اعلان رؤيتها للسلام قبل أي لقاء بين أوباما ونتانياهو. ويشير المحلل السياسي في معهد «كارنيغي» الدولي للسلام ناتان براون ل «الحياة» أن رفض نتانياهو تبني حل الدولتين وتأكيد وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان على عدم التزام نتائج مؤتمر أنابوليس و «خريطة الطريق» الى جانب توسيع المستوطنات في القدس، مسائل تهيئ لمواجهة مبكرة مع الادارة الأميركية التي كررت على لسان ميتشل الأسبوع الجاري، محورية حل الدولتين، في وقت نوه الرئيس باراك أوباما في خطابه في أنقرة بأهمية «خريطة الطريق» ومؤتمر أنابوليس، في رسالة غير مباشرة الى تل أبيب. وتؤكد المصادر الموثوقة القريبة من الجانبين الاسرائيلي والأميركي، أن هناك «امتعاضاً واضحاً» داخل الادارة من تصرفات الحكومة الاسرائيلية الجديدة و «سعيها الى المواجهة مع واشنطن بتجاهل أعمدة حل الدولتين، وقيامها باتصالات مع مجموعات يهودية يمينية في الولاياتالمتحدة لتحريضها على الادارة». وانعكست أجواء التشنج هذه في البروتوكولات الرسمية بين الجانبين وتفادي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الاتصال دوريا بنظيرها الاسرائيلي ليبرمان (عدا عن اتصال التهنئة)، في افتراق تام عن سلوك واشنطن مع الوزيرة السابقة تسيبي ليفني والاتصالات الدائمة معها من كلينتون نفسها وقبلها كوندوليزا رايس، وحصرت كلينتون قناة الاتصال مع نتانياهو نفسه. كما نفى البيت الأبيض التقارير الاعلامية التي تشير الى زيارة رئاسية محتملة لأوباما لاسرائيل في حزيران (يونيو) المقبل. أما في ما يتعلق بزيارة نتانياهو المحتملة لواشنطن في 4 أيار (مايو) المقبل للمشاركة في مؤتمر لجنة العلاقات الأميركية - الاسرائيلية (ايباك)، فتؤكد المصادر أن الزيارة لم تحسم بعد، وأن الأجواء المتشنجة وغياب جدول خارجي واضح للحكومة في تل أبيب، قد يستدعيان تأجيلها أسابيع عدة. وبحسب المصادر، تدرس واشنطن خطوة اعلان رؤيتها للسلام قبل أي لقاء بين نتانياهو وأوباما، في محاولة لكشف جميع الأوراق على الطاولة وايضاح نقاط الخلاف والتلاقي. ويتوقع براون أن تصطدم وجهات النظر بداية في موضوع المستوطنات كونه يشكل تهديدا آنيا لأي تقدم في عملية السلام وأحد العوائق التي اعترض عليها جورج ميتشل في تقريره عام 2002 وأغضب فيها الاسرائيليين وحكومة آرييل شارون يومها. ويحاول وجوه اليمين الأميركي مثل المسؤول السابق في ادارة جورج بوش أليوت أبرامز التقليل من أهمية الخلاف على المستوطنات، اذ حض ادارة أوباما على عدم التركيز عليها كعائق للسلام. الا أن فريق ميتشل ووجود شخصيات مثل مساعديه السفير السابق لدى الأردن ديفيد هايل والجنرال كيث دايتون المقتنعين بالتهديد الذي تشكله المستوطنات على حل الدولتين، يعكسان التوجه المختلف الذي تسير فيه هذه الادارة، والذي يتعارض مع مواقف نتانياهو وليبرمان «ابن المستوطنات»، على حد تعبير براون. وأكد هايل أخيرا ضرورة الدفع بالمبادرة العربية للسلام، وهو ما أعاد تأكيده البيت الأبيض في اعلانه أمس استقبال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وحيث سيتصدر «السلام الشامل» مواضيع البحث، الى جانب «الدفع بالمبادرة العربية للسلام». غير أن براون استبعد في ظل هذه الظروف ورفض الحكومة الاسرائيلية حل الدولتين، نجاح الجهود الأميركية، وتوقع جفاء محتملا في العلاقة بين تل أبيب وواشنطن في مقابل تحول نحو دعم السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس بعد الفشل في الوصول الى حكومة وحدة وطنية. ويؤكد براون أن واشنطن لن تتنازل عن شروط الرباعية لإرضاء حركة «حماس»، وأن دعم عباس ومؤسسات السلطة وجهوده لتوحيد الصف الفلسطيني هو في أولويات الادارة.