كشفت مصادر ل«الحياة» عن صدور قرار الهيئة العامة في المحكمة العليا بوجوب إكمال إجراءات الاستحكام وإن انتقلت الملكية مرات عدة قبل صدور حجة الاستحكام، وذلك لحماية المالك الجديد من ابتزاز المالك الأول أو رجوعه عن البيع. وبينت المصادر أن المجلس الأعلى للقضاء طلب من المحكمة العليا إيضاح الإجراء الواجب اتباعه في طلبات الاستحكام لما ورد من استفسارات قضاة المحاكم، إذ إنه عند انتقال الملكية يستوجب الأمر إعادة المعاملة إلى نقطة الصفر، ما يؤدي إلى ضياع الوقت والجهد وتعطيل المعاملات، كما أنه في حال عدم الإفصاح خشية التأخر وصدور حجة الاستحكام باسم المالك الأول يقع المالك الأخير الذي أشترى الأرض عرضة للابتزاز والمساومة لإثبات البيع ونقل حجة الاستحكام. وأضافت: «بعد درس المحكمة للأمر ومراعاة المصلحة وتسهيلاً للإجراءات رأت المحكمة العليا ممثلة في الهيئة العامة أنه عند انتقال ملكية العقار أثناء إجراءات طلب الاستحكام وتحقق القاضي من ذلك، يحل المالك الأخير محل المنهي وبعد اكتمال الإجراءات الشرعية والنظامية تثبت الملكية باسم المالك الأخير». وأكدت أن «الحصول على حجة استحكام يتطلب الكثير من الوقت والجهد، إذ إنه لا يتم البدء في إجراءات صكوك الاستحكام (إثبات تملك عقار) إلا بعد أن تكتب المحكمة إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة المالية، وبالنسبة إلى خارج النطاق العمراني المعتمد فإنها تكتب إلى وزارة الدفاع ووزارة الحرس الوطني ووزارة الزراعة ووزارة البترول والثروة المعدنية ووزارة النقل ووزارة المياه والكهرباء، والهيئة العامة للسياحة والآثار، والهيئة السعودية للحياة الفطرية، ويكتب لوزارة الداخلية ممثلو حرس الحدود بالنسبة للعقارات الساحلية والعقارات الواقعة داخل منطقة المراقبة الجمركية». وتابعت: «كما يكتب لهيئة الطيران المدنية بالنسبة للعقارات في المدن أو المحافظات التي بها مطارات، كما على المحكمة أن تطلب النشر عن طلب الاستحكام في إحدى الصحف التي تصدر في منطقة العقار، وإذا لم تصدر صحف في المنطقة فعليها أن تطلب النشر في إحدى الصحف الأكثر انتشاراً، ويجب على المحكمة في استحكامات الأراضي الفضاء التي لم يتم إحياؤها أن تكتب لرئاسة مجلس الوزراء، فإن كان سبق إحياؤها فتنظر الدائرة في طلبه وفق المقتضى الشرعي من دون الرفع بها، وإذا أزالت الجهة الحكومية المختصة أنقاضاً على أرض بحجة أن تلك الأنقاض وضعت بغير حق، ولم يكن البناء قديماً فلا يسمع الإنهاء بطلب الاستحكام إلا بعد إقامة دعوى ضد الجهة المزيلة». وشددت على أنه «لا يجوز استخراج صكوك استحكام لأراضي المشاعر المقدسة وأبنيتها، وإن حصلت مرافعة في شيء من ذلك متكئاً على مستند، فعلى المحكمة رفعها إلى المحكمة العليا، ويضاف إلى المنع حمى المشاعر، فإن تقدم أحد إلى المحكمة أو كتابة العدل بطلب صورة للعقار داخل المشاعر فتستخرج صورة، وترفع مصدقة إلى المحكمة العليا، وإن وقعت خصومة داخل عقار في المشاعر فترفع إلى المحكمة العليا». من جانبه، بين المحامي خالد البابطين أن المقصود بحجة الاستحكام هي ورقة رسمية تصدر عن محكمة مختصة تكشف أن هذا العقار مملوك لشخص أو مجموعة من الأشخاص وقال: «هذه الطريقة في الإثبات تتمتع بوزن قانوني أعلى من غيره، فالجهات الرسمية تقبلها كحجة لا تحتاج مزيد إثبات، فبموجبها يتم التعويض والإفراغ وتتحرك الجهات الرسمية لبسط الحماية فلا يحصل تعرّض أو تعد». وأوضح البابطين أنه بمفهوم المخالفة، فإن ثمة طرقاً أخرى لإثبات الملك، ويمكن الاطمئنان إليها إلا في الأوساط غير الرسمية. فالأشخاص في ما بينهم وفي ظل عدم وجود حجة الاستحكام، يمكن أن يطمئنون إلى الأوراق العادية «غير الرسمية» فيجرون في ما بينهم وفي أي وقت مبايعات لا تتمتع بالصفة الرسمية. وأكد البابطين أن قرار المحكمة العليا يعطي أثراً جيداً لهذه المبايعات، فيسمح للمشتري بأن يحل محل البائع في حق استكمال إجراءات استخراج حجة الاستحكام، وبهذا وبموجب هذا القرار تنتفي - في تقديري - مصلحة البائع من استكمال دعوى طلب حجة الاستحكام ويصبح المشتري الأخير هو صاحب المصلحة والصفة. وأضاف: «وبحسب نظام المرافعات الشرعية، فإن الصفة والمصلحة ولو المُحتملة تجسدان ركني الدعوى الصحيحة، وسقوط إحداهما ولو في أي مرحلة من مراحل يؤدي إلى انقضائها، وعليه فإن هذا القرار من جهة ينسجم وصريح النظام، ومن جهة أخرى، فإنه يعطي المبايعات غير الرسمية وزناً مستحقاً، وفي الوقت ذاته فهو يزيل جانباً كبيراً من الهوة التي كثيراً ما توجد بين الحقيقة وظاهر الحال».