نجحت القيادة السياسية في الإمارات أمس من تقليص خسائر أسواق الأسهم، التي انحدرت إلى الحدود الدنيا لليوم الثاني على التوالي، وسحبت معها بورصات دول الخليج، التي استعادت تداولاتها أمس بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى، متأثرة بأزمة تأجيل حكومة دبي تسديد ديون شركات لها. وعلى رغم تطمينات القيادات المالية عن سلامة النظام المصرفي والاقتصادي في الدولة، وإعلان «دبي العالمية» عن خطة إعادة هيكلتها، بدأت أسواق الأسهم في الإمارات تداولات اليوم الثاني بخسائر قاسية، متأثرة بضغط طلبات بيع بملايين الدراهم. وتكبدت أسواق الأسهم في الإمارات خسائر بقيمة 4.6 بليون دولار، لترتفع إلى 14 بليوناً في يومين، على رغم أنها قلصت خسائرها في نهاية الجلسة، إثر تأكيد رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، أن الدولة تجاوزت المرحلة الأصعب من الأزمة العالمية، وإعلان نائبه، رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن «رد الفعل العالمي الأخير على أنباء إعادة هيكلة مجموعة دبي العالمية «يدل على وجود قصور في فهم ما يجرى في دبي». ولم تسلم أسواق دول أخرى من تراجعات حادة في أول يوم تداول بعد عطلة الأضحى، فتراجعت بورصة قطر 8.3 في المئة، وأغلقت بورصة الكويت على تراجع 2.7 في المئة توازي 188 نقطة، وهبط مؤشر سوق البحرين 4.380 نقط وقطر 28.7 نقطة، في حين نجت السوق المالية السعودية من انتقال العدوى إليها، بسبب إغلاقها حتى يوم السبت المقبل. وعلى رغم انحسار قلق الأسواق العالمية في شأن أزمة ديون دبي العالمية وتأكيد «وكالة موديز» أن إعادة هيكلة التزامات شركة دبي العالمية لن تهدد الجدارة الائتمانية للحكومة الاتحادية، خسرت سوق دبي المالية 5.6 في المئة من قيمتها، وتراجعت سوق أبو ظبي 3.6 في المئة، جراء تهافت المستثمرين على التخلص من أسهمهم، في مقابل طلبات شراء متواضعة. وعزا المحلل المالي زياد دباس مواصلة تراجع أسواق الأسهم في الإمارات ودول خليجية، إلى حذر المستثمرين من انكشاف المصارف في المنطقة على ديون «دبي العالمية»، التي أكد مسؤولون أن حكومة الإمارة لا تضمنها كونها مؤسسة تجارية. وسارعت مؤسسات مال محلية وعالمية إلى طمأنة المستثمرين من خطوة إعادة هيكلة «دبي العالمية»، إذ أكد المصرف المركزي في الإمارات انه يقف بقوة وراء المصارف المحلية، بعد أن دعمها بتسهيلات مالية تسمح لها بالاقتراض وشراء الدولار، وأشارت «موديز» إلى أن إعادة الهيكلة يخفض فعلياً الالتزامات المحتملة للشركة، عبر إبراز حدود الدعم الحكومي للمؤسسات الحكومية المدينة. قال كبير محللي الصناديق السيادية في «موديز» تريستان كوبر، إن «الاستقرار العام للاقتصاد الكلي في الإمارات، يحميه موقف البلاد القوي من الدائنين الخارجيين، الذي تدعمه ثروة النفط المتراكمة لدى أبو ظبي». وأكد رئيس الموازنة العامة لحكومة دبي الفريق ضاحي خلفان أن العالم يربط بين مشكلة مديونية شركات محلية وديون حكومة دبي التي لا تتجاوز 10 بلايين دولار. وأشار خلفان إلى أن قرار شركة محلية إعادة جدولة ديونها لأشهر لا يعني أنها غير قادرة على الاستمرار، في وقت انهارت مؤسسات دولية كبرى وأفلست وتعذر عليها القيام بواجباتها تجاه عملائها. وأكد أن أزمة دبي، ليست مالية بقدر ما هي أزمة تنافس «غير شريفة»، أدت إلى مهاجمة دبي، من بينها وسائل إعلام غربية وعربية تنساق وراء الغربية من دون تقصي الحقائق والمعلومات. ويبدو أن هذه التصريحات انعكست إيجاباً على أسعار الفائدة المعروضة بين مصارف الإمارات. وتوقع محللون ماليون أن تتحسن بورصات دول الخليج خلال الأيام المقبلة، في ضوء تطمينات القيادة السياسية والمالية الإماراتية، من سلامة اقتصاد الإمارات، واستيعابها بأن تفاعل الأسواق المحلية والعالمية مع إعادة جدولة ديون مؤسسة دبي العالمية، كان «مبالغاً فيه»، وان تأجيل تسديد ديونها لا يعني أنها لن تكون غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها.