يبدو أن الرجل الثاني في «حزب العدالة والتنمية» التركي، ضاق ذرعاً بتدخلات الرئيس رجب طيب أردوغان في شؤون الحكومة وانتقاداته العلنية المتكررة لها. إذ خرج نائب رئيس الوزراء بولنت أرينش عن صمته، ليكيل الاتهامات إلى أردوغان، في أول خلاف علني بين الحكومة والرئاسة منذ وصول الأخير إلى القصر الجمهوري. وكان أرينش يردّ على انتقاد أردوغان أداء حكومة أحمد داود أوغلو في القضية الكردية، واتهامها باتخاذ خطوات من خلف ظهره ومن دون علمه، بينها تأسيس لجنة لمتابعة تنفيذ الاتفاق مع عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني. وقال نائب رئيس الوزراء: «الرئيس يعلم كل شيء والحكومة لا تتصرف من دون علمه أبداً. لا يمكنه أن يدّعي عدم العلم بهذا الأمر وهو يجمعها في قصره كل شهر. نرجو منه وقف انتقاداته المتكررة التي ستضره وتضر في آن الحكومة التي يعلم أنها هي المسؤولة عن إدارة شؤون البلاد وليس غيرها». واستدرك: «انتقادات الرئيس في غير محلها، ولا يمكن قبولها». وهذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها صوت من الحكومة منتقداً علناً الرئيس التركي، على رغم أن كواليس الحزب الحاكم تعبّر باستمرار عن انزعاجها من تصرفاته، ولكن في صمت. وتترقَّب أوساط الحزب كيف سيتصرف أحمد داود أوغلو إزاء هذا الخلاف بين نائبه والرئيس، وهو الذي تحمّل انتقادات أردوغان من دون تعليق، أو تعبير عن عتب. وفي سياق البحث عن حل للقضية الكردية، وجّه أوجلان أمس خطاباً لمناسبة عيد النوروز، دعا فيه حزب العمال الكردستاني إلى عقد مؤتمره قريباً واتخاذ قرار وصفه بأنه تاريخي لترك السلاح وبدء صفحة وعهد جديدين مع الدولة التركية. وشدّد على الاتفاق على نقاط عشر مع الحكومة، تشكّل «خريطة طريق» للحل. لكن أوجلان ترك للحزب تحديد موعد عقد المؤتمر، ما أشاع تعليقات بأنه يرمي الكرة في ملعب «الكردستاني» بانتظار تنفيذ الحكومة خطوات اتُّفِق عليها سراً، يرجِّح كثيرون أن يكون إطلاقه إحداها، خصوصاً أن قيادات عسكرية في «الكردستاني» أكدت تعذُّر إلقاء السلاح في مقابل مجرد وعود من أنقرة، واعتبرت أن على الحكومة إطلاق أوجلان كبادرة حسن نية، قبل اتخاذ قرار حاسم في شأن السلاح.