يقر مجلس الوزراء اللبناني في جلسة صباحية يعقدها بعد غد الأربعاء برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان البيان الوزاري الذي أعدته اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري بعد 10 اجتماعات استمرت لأكثر من اسبوعين، على ان يوزع في اليوم نفسه على النواب تمهيداً لبدء جلسات الثقة النيابية لمناقشته والتصويت عليه وسط توقعات بأن تنال حكومة الوحدة الوطنية نسبة عالية من ثقة النواب يمكن ان تقترب من الإجماع باعتبار ان تحفظ الوزيرين من قوى 14 آذار، بطرس حرب وسليم الصايغ (حزب الكتائب) عن مشروع البيان سيبقى في حدوده الاعتراضية ولن يتجاوزها الى خطوة أخرى يظهر الحكومة منقسمة على نفسها، وهذا ما ينطبق ايضاً على موقف النواب المسيحيين المنتمين الى هذه القوى الذين سيمنحون الحكومة الثقة مع تسجيل تحفظهم عن البند الوارد في البيان في شأن المقاومة لدى مناقشتهم له، في البرلمان. واستعداداً للجلسة ستوزع الأمانة العامة للمجلس اليوم نسخاً من مشروع البيان الوزاري على اعضاء الحكومة بعد ان تكون أودعت نسخة منه لدى رئاسة الجمهورية. وتوقعت مصادر وزارية عودة الرئيس الحريري غداً من زيارته الخاصة للمملكة العربية السعودية حيث أمضى عطلة عيد الأضحى مع عائلته، وقالت ان حتمال عقد جلسة نيابية السبت المقبل لا يزال قائماً في حال تسلم النواب نص البيان الوزاري قبل الخميس على ان تخصص للاستماع الى تلاوة الحريري للبيان، لتبدأ الاثنين في 7 كانون الأول (ديسمبر) مناقشته ومن ثم إقراره. وأكدت المصادر نفسها ان لا مبرر لإطالة المناقشات النيابية للبيان الوزاري أكثر من ثلاثة ايام كحد أقصى وعزت السبب الى ان الحكومة الجديدة جامعة لكل الأحزاب والتيارات والقوى السياسية من دون استثناء وأن من لم يمثل فيها مباشرة يجد نفسه ممثلاً فيها من طريق حلفائه. واعتبرت هذه المصادر ان البيان المقتضب للحكومة يجب ان يقابل بقرار من الكتل النيابية باختصار المناقشات من خلال خفض عدد طالبي الكلام لا سيما ان ممثليها في لجنة البيان الوزاري أفرغوا ما في جعبتهم من ملاحظات ولم يعد لديهم من مبرر «لإزعاج» اللبنانيين بمطولاتهم إلا اذا اعتبروا ان النقل التلفزيوني المباشر لوقائع جلسة المناقشة للبيان يشكّل حافزاً لهم للتعويض عن الأشهر الستة التي خسرها البرلمان من عمره، بسبب عدم انعقاده لتأخر تشكيل الحكومة العتيدة. ولفتت المصادر عينها الى ان الانتهاء من جلسة المناقشة العامة للبيان الوزاري بالتصويت على الثقة للحكومة سيطلق الضوء الأخضر لرئيسها للتحضير لزيارته الرسمية دمشق للقاء الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره محمد ناجي عطري باعتبار ان من غير الجائز عزل نتائج المحادثات التي سيجريها عن مستقبل الوضع الحكومي في لبنان ومدى قدرتها على التأثير إيجاباً على سير الأوضاع فيه انطلاقاً من ان حكومة الوحدة الوطنية تجمع تحت سقفها بين الأضداد وأن تعايش هذه القوى أمر ضروري ليكون في وسع الحكومة الالتفات الى ما وعدت به اللبنانيين، خصوصاً في شأن الأولويات وفي مقدمها إصلاح قطاع الكهرباء بما يؤمن استمرار تغذية جميع المناطق بالتيار الكهربائي على مدار ال24 ساعة. وأكدت ان زيارة الحريري دمشق ستكون موضع اهتمام عربي ودولي يضاف الى الاهتمام اللبناني بها، وعزت السبب الى انها تعني فتح صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين تدفع باتجاه تطويرها وتعميقها على قاعدة تنقيتها من الشوائب وإعادة النظر في بعض الاتفاقات الاقتصادية والتجارية المعقودة بينهما وصولاً الى تأكيد الاحترام المتبادل لاستقلال كل من البلدين وحريته وسيادته. وأوضحت المصادر ان نجاح محادثات الحريري في دمشق سينعكس ايجاباً على مجمل الوضع في لبنان بدءاً باضطرار بعض الأطراف المحليين الى اعادة النظر في تعاطيهم مع رئيس الحكومة باتجاه تفعيل التعاون وتقليص مساحة الحذر التي ما زالت تسيطر على علاقتهم به، اضافة الى انها تأتي تتويجاً للتفاهم السوري السعودي الذي من شأنه ان يرفع من منسوب الانفراج الداخلي بما يساعد على تحصين الموقف اللبناني في وجه التهديدات الإسرائيلية للبنان. الى ذلك، يلتقي ظهر اليوم الوزراء المسيحيون من فريق «14 آذار» بدعوة من وزير الدولة لشؤون البرلمان ميشال فرعون وهم، إضافة إليه، الوزراء بطرس حرب، ابراهيم نجار، طارق متري، جان أوغاسبيان سليم الصايغ وسليم وردة. وقال فرعون ل «الحياة» ان الاجتماع يهدف الى التشاور للوقوف من الوزيرين حرب والصايغ، باعتبارهما كانا في عداد اللجنة الوزارية المكلفة صوغ مشروع البيان الوزاري، على سير المناقشات في داخلها وأسباب تحفظهما عن الفقرة السادسة من البيان بسبب ذكر كلمة «المقاومة» في إطار تأكيد حق لبنان حكومة وجيشاً وشعباً ومقاومة في التصدي للاحتلال الإسرائيلي من اجل تحرير مزارع شبعا المحتلة وتلال كفرشوبا. وقال فرعون: «إننا نحترم التمايز في الموقف السياسي بين قوى 14 آذار باعتبار ان هذه القوى ليست حزباً وإنما تضم مجموعة من الأحزاب والتيارات والقوى والشخصيات السياسية»، لافتاً الى ان الوزراء المجتمعين لن يخرجوا بموقف موحد لأن الهدف من الدعوة هو التشاور وتبادل الآراء.