تشهد أروقة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية في الفترة الأخيرة مداولات في شأن أفضل السبل الواجب اتباعها قبل حلول موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 24 كانون الثاني (يناير) المقبل استناداً الى مرسوم أصدره الرئيس محمود عباس الشهر الماضي. وعقدت حركة «فتح» ومنظمة التحرير وهيئات قيادية أخرى اجتماعات عدة خلال الأسابيع الأخيرة لدرس الخيارات المتاحة للتغلب على هذه الحالة غير المسبوقة في التاريخ والكفاح الفلسطيني، باستثناء حالة قام فيها المجلس المركزي بتمديد المرحلة الانتقالية لدى انتهائها عام 1999. ويأتي بحث هذه الخيارات في ظل رفض حركة «حماس» تنظيم الانتخابات في موعدها في 24 كانون الثاني (يناير) المقبل. أما في حال موافقتها على الورقة المصرية التي تتضمن تنظيم الانتخابات في 28 حزيران (يونيو)، فإن «فتح» والرئيس محمود عباس سيتراجعان عن اتخاذ مثل هذه الخطوات من جانب واحد من دون توافق وطني. حل المجلس التشريعي وطرحت على بساط البحث سيناريوات ومقترحات عدة، من بينها حل المجلس التشريعي، فيما عارض قياديون من «فتح» هذه الخطوة وتوقعوا أن يكون مردودها سلبياً، وقد يشكل خطراً على الوضع الفلسطيني. ويقول أصحاب هذا السيناريو، وهم من قادة بعض الفصائل الصغيرة جداً، إنه كان يجب حل المجلس التشريعي منذ أن وقع «الانقلاب الحمساوي» في قطاع غزة، أما وانه لم يحدث فيجب حله من جانب المجلس المركزي عندما يحل موعد الانتخابات التشريعية أو قبلها. ويضيف هؤلاء أنه يجب نقل صلاحيات المجلس التشريعي الى المجلس المركزي، وهو المؤسسة التشريعية الوسيطة بين المجلس الوطني (برلمان المنفى) واللجنة التنفيذية (حكومة المنفى) لمنظمة التحرير الفلسطينية. ويرون أن ولاية الرئيس لا تنتهي مع انتهاء ولاية التشريعي، بل تستمر الى ما شاء الله، وأن بإمكان المجلس المركزي أن يمدد للرئيس ولايته. وهناك من يرى من «فتح» أنه يجب عدم حل المجلس التشريعي والحذر من هذا السيناريو الخطير، وأنه لا يحق للمجلس المركزي، بل للرئيس، حل المجلس التشريعي، علماً أن نواب «فتح» في المجلس التشريعي السابق رفضوا مراراً وتكراراً تعديل القانون الأساسي (الدستور الموقت) ومنح رئيس السلطة صلاحية حله. وطالب هؤلاء بدرس هذا الخيار قانونياً قبل طرحه على الاجتماعات الرسمية، ومن بينها اجتماع المجلس المركزي منتصف الشهر المقبل في رام الله، خصوصاً انه لا يوجد في القانون الأساسي ما يشير الى أن منظمة التحرير هي مرجعية السلطة، بل الشعب هو مرجعيتها. نقل الصلاحيات للمركزي وتعتقد فصائل أخرى في المنظمة أن على المجلس المركزي اتخاذ صلاحياته كاملة في مواجهة ما يمكن أن ينشأ من فراغ دستوري لدى انتهاء المدة القانونية للتشريعي. واقترحت أخرى أن يبحث المركزي في اجتماعه المقبل ثلاث قضايا هي انتهاء ولاية رئيس السلطة، والرقابة على الحكومة الفلسطينية، خصوصاً أن هذه من صلاحيات المجلس التشريعي، وكذلك الانتخابات العامة المقبلة. حل السلطة برمتها ويرى اتجاه ثالث تمثله «الجبهة الشعبية» عدم استبعاد خيار حل السلطة الفلسطينية برمتها والإعلان عن انتهاء المرحلة الانتقالية. وتعتقد الجبهة أنه يجب درس ما سيلي أي خطوة قبل اتخاذها ومعرفة ما سيحصل في اليوم التالي كي لا يكون مردود هذه القرارات عكسياً. كما يجب درس الأمور جيداً قبل دعوة المجلس المركزي للانعقاد. في هذه الأثناء، أعد المركز الفلسطيني للإعلام والأبحاث والدراسات «بدائل» تقريراً عن انتهاء ولاية الرئيس والمجلس التشريعي المتوقعة، ودعا إلى اتخاذ خطوات عدة لتجاوز مسألة الفراغ السياسي والدستوري والقانوني الذي يمكن أن ينشأ مع حلول 25 كانون الثاني (يناير) المقبل في ظل عدم إمكان إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية. إبقاء الوضع على حاله واقترح المركز في تقريره «أبعاد ودلالات قرار الرئيس عباس بعدم الترشح لولاية ثانية أو الاستقالة»، على المسؤولين والقيادات الفلسطينية «إبقاء الوضع على ما هو عليه، على أساس أن هناك في القانون تفريقاً بين المدة القانونية والولاية، إذ لا يجوز للرئيس أو للمجلس التشريعي أن ينسحبا من دون وجود رئيس آخر ومجلس تشريعي آخر ليحل محلهما». وأضاف أن «القانون الأساسي نص في أحد مواده على أن المجلس التشريعي يبقى إلى أن يسلم مهامه لمجلس تشريعي منتخب آخر، وهذه المبادرة بالقياس يمكن أن تنطبق على الرئيس أيضاً، حتى لو لم ينص القانون الأساسي على ذلك». وأوضح أن «القانون الأساسي ينص على أن استقالة الرئيس لا تصبح سارية المفعول من دون مصادقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي عليها»، علماً أن «المجلس التشريعي مشلول وليس في حال انعقاد». واقترح أن يقوم المجلس المركزي «بنقل مهمات وصلاحيات الرئاسة والمجلس التشريعي إليه، إلى أن تكون هناك انتخابات رئاسية وتشريعية، سواء بحل أو من دون حل المجلس التشريعي». لكن المركز استدرك أن حل التشريعي «يعتبر مخالفة صريحة ومباشرة للقانون الأساسي، وسيكرس الانقسام»، كما أنه «لا يجوز لمجلس غير منتخب أن يحيل عليه مهمات مجلس منتخب». وأضاف التقرير أن «منظمة التحرير أنشأت السلطة وهي مرجعيتها العليا التي منحتها الشرعية، لكن السلطة كيان قائم بحد ذاته له قوانين تنظم عمله، فالمنظمة لا تستطيع أن تتعامل مع السلطة في شكل انتقالي، فهي تستطيع حلها أو الإبقاء عليها، ولا تستطيع نقل صلاحياتها إلى المنظمة وإبقائها في الوقت ذاته، فإما حلها وإحالة كل المهمات على المنظمة، وإما الحفاظ عليها واحترام القوانين التي تنظم عملها». وقال: «في هذه الحال يمكن نظرياً أن يمدد المجلس المركزي للرئيس أو يكلفه متابعة مهمات الرئيس، ويحل محل المجلس التشريعي من دون حله إلى حين إجراء الانتخابات أو إجراء المصالحة، وإعادة تشكيل منظمة التحرير، لتضم كل ألوان الطيف السياسي، مع أن الأفضل أن يكلف المجلس المركزي الرئيس بمتابعة أعماله».