كأنَّ الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، كان يتوقع السلوك الإعلامي تجاه بلاده وهو يتحدث أمام المؤتمر الثاني للشركات الاستثمارية والمستثمرين العالميين في دبي، فحرص على توضيح نقطتين عانت منهما دبي مع بداية الأزمة الاقتصادية العالمية. الأولى: أن دبي ليست وحدها، ونجاحها هو امتداد لنجاح أبو ظبي. والثانية: الاعتراف بأن الصمت خلق فراغاً معلوماتياً وسمح للشائعات بالرواج، داعياً إلى عدم تكرار ذلك في المستقبل. اليوم، وبعد إعلان "شركة دبي العالمية" أنها لن تقوم بسداد ديونها لمدة ستة أشهر، أعاد الإعلام سيرته الأولى، وبدأ الحديث عن الثمن الذي ستطلبه أبو ظبي مقابل تغطيتها العجز، وغياب السلاسة في الآلية الاتحادية، وتصوير العلاقة وكأنها علاقة بين دولتين وليس مدينتين في دولة واحدة. أما الإشاعات فانطلقت هذه المرة على نحو أشد، وجرى طرح شبح الإفلاس، وبيع الشركات بثمن بخس، الى غير ذلك من الإشاعات. الذي لا جدال فيه هو ان دبي تواجه حملة متصاعدة لهز الثقة في موقعها الذي صار محوراً للخدمات وتبادل الأفكار والمشاريع والطموحات الكبيرة، إذ إن الحملة الجديدة يمكن لها أن تنال من دبي اكثر مما فعلت سابقتها، وحتى الآن يبدو أن دبي في صدد تكرار الأخطاء الإعلامية السابقة، بدليل أن إعلان عن تأجيل التسديد نقل عبر وسائل الآخرين بطريقة أوضح وأسرع، وهو لم يترافق مع خطة إعلامية محلية وعالمية توضح أن جوهر تفوق دبي، كمدينة خدمات عالمية، لم يتغير، وأن العالم كان وسيبقى بحاجة لوجودها لعقود طويلة قادمة، فضلاً عن ضرورة نشر كل الإجراءات التي اتخذت خلال الشهور الماضية، وبطريقة شفافة، والتي شملت تغييراً في القيادات، ودمج بعض الشركات، وخفض تكاليف التشغيل. صحيح أن المسؤولين في دبي تجاوزوا مرحلة إنكار المشكلة، لكن هذا لم يعد كافياً، ولا بد من حشد إعلامي يوفر المعلومات التي تنهي انتشار الإشاعات وتوقف أزمة الثقة التي يحاول البعض تكريسها، فتغيير القيادات، مثلاً، تم من دون إيضاحات، وهيكلة بعض الشركات تم وكأنه إجراء داخلي. الأكيد أن المشكلة التي تواجه دبي اليوم ليست في تسديد 3.5 بلايين دولار فحسب، وإنما أيضاً في هز الثقة بقدرتها على التجاوز والمحافظة على اجتذاب رؤوس الأموال الباحثة عن بيئة اقتصادية مستقرة، تتسم بالمرونة والحيوية وتعمل في مناخ اجتماعي يعد سابقة في تاريخ المنطقة.