تحت عباءة احترام رغبة الجمهور، ركب برنامج «استوديو الفن» موجة برامج المواهب الفنية التي سرقت منه بريقه خلال السنوات الماضية، من دون ان تسرق سمعته كأحد «أبرز برامج المواهب في العالم العربي». فهذا البرنامج الذي كان حلماً لكل طامح الى شهرة بعدما خرّج أسماء لامعة في عالم الأضواء، سواء في الغناء او التقديم او الرقص او عرض الأزياء او الشعر، وسواها من الفئات منذ عام 1972 وحتى إيقافه عام 2002، عاد الجمعة الماضي الى شاشة «ام تي في» بعد نحو ثماني سنوات من الغياب ب «خرق» لأحد أبرز الأسس التي حافظ عليها طوال عمره. فهو، منذ عرضه الاول على شاشة «تلفزيون لبنان» الرسمي وصولاً الى عرضه على شاشة «ال بي سي» حيث عرف شهرة كبيرة، حمل راية الفن الأصيل من خلال الاحتكام الى رأي لجنة تحكيم من أبرز الاختصاصيين في اكثر من مجال. ولم تغره يوماً على مدى 37 عاماً بدعة «الجمهور عايز كده»، إنما اهتم بأخذ الجمهور الى حيث يريد، وتحديداً الى طريق الفن الجميل... حتى وان كان لم يسلم من الانتقادات، خصوصاً تلك التي وُجهت الى المشرف عليه ومخرجه سيمون أسمر حول «ديكتاتوريته»، وإعلائه شأن مشتركين مقابل تهميش آخرين، وان كانوا أصحاب مواهب. اليوم عاد «استوديو الفن»... وعادت معه الآمال بعودة الفن الى السكة الصحيحة بعدما شرعت الساحة في عصر الفضائيات امام وجوه تغني بجسدها، كما يجمع كثر من النقاد واهل الفن. لكنّ الفرحة بعودة هذا البرنامج لم تكتمل إذ عكّرتها تغييرات كثيرة، أبرزها في طريقة التصويت. فبعدما كان الرأي الفيصل للجنة التحكيم، صار للجمهور اليوم كلمته، وان بنسبة 31 في المئة من نسبة الأصوات مقابل 49 في المئة للجنة الأكاديمية و20 في المئة للجنة الصحافية. في الظاهر، يبدو هذا القرار ديموقراطياً كونه يحتكم لرغبة الشعب، لكنه في الباطن يخفي رغبات ربحية من خلال الرسائل النصية «أس أم أس» التي صارت تدرّ أرباحاً طائلة على البرامج والشاشات التي تعتمد عليها. وما يزيد هذا الاقتناع ان تجربة البرامج السابقة أثبتت ان تصويت الجمهور لا يكون دوماً للأفضل إنما للمشترك صاحب القدرة التجييشية الأكبر، والأقدر مادياً. وكي لا نذهب بعيداً، نستعين بما حدث في الحلقة الاولى من «استوديو الفن» حين منح الجمهور صوته لإحدى المشتركات فيما أجمعت اللجنة الأكاديمية والاعلامية على منح أصواتها لمنافستها. عندها قالت عضو اللجنة الأكاديمية المذيعة بولا يعقوبيان، «يصعب ان يعطي المرء صوته خلافاً لرغبة الجمهور... ولكنني سأفعل هذه المرة»... والاكيد ان المشاهدين الحقيقيين خلف الشاشة شاركوا يعقوبيان واللجنتين في خيارهما بعيداً من رأي جمهور ال «اس ام أس».