كل من يزور مهرجان الجنادرية ويتجول في جنباته، لن ينسى تلك الفلاشات اللانهائية، التي رأها تنطلق من الكاميرات التي تقبض عليها أنامل غالبية الزوار. حتى في مجال الإعلام قد يكون للمصور في احتفالية كبرى كالجنادرية أهمية تتجاوز أهمية الصحافي، فالصورة في مثل هذه المحافل، خصوصاً التي تتعلق بتاريخ معين أكثر إقناعاً وأبلغ وصفاً من الكلمات. مهرجان كالجنادرية بلغ عامه ال24، شهد عشرات بل مئات المصورين الذين تناوبوا على توثيق فعالياته على مر الأعوام الماضية، ودليل ذلك ما يكتظ به المركز الإعلامي في المهرجان من المصورين. وللتاريخ الفوتوغرافي في المهرجان قصة طويلة رواها ل«الحياة» المصور إبراهيم المواش (41 عاماً)، الذي رافق المهرجان منذ ولادته، حين كان المواش لا يتجاوز ال17 من العمر. انخرط المواش في مهنة التصوير وهو حديث السن، حين كان يعمل في قسم التصوير بالعلاقات العامة لرئاسة الحرس الوطني. يقول المصور المخضرم: «عملي مصوراً فوتوغرافياً زاد من علاقاتي ومعرفتي بمسؤولي الحرس الوطني، خصوصاً أنني عايشت مهرجان الجنادرية منذ انطلاقته، حين كانت فعالياته مقصورة على سباق الهجن والسوق الشعبي للحرف اليدوية فقط». ويصف المواش التصوير في الأعوام الأولى للمهرجان بالمتعب والشاق، فالكاميرات كانت أقل جودة وتعتمد على تحميض الأفلام، وأحتاج إلى أن أحمل في جيبي أكثر من خمسة أفلام في اليوم الواحد، مشيراً إلى أن الفيلم الواحد يحمل 36 صورة فقط، وكان كل موقع في الجنادرية يتطلب تغيير الأفلام. لكن عدد الأفلام وطرق التحميض المعقدة لم يكن العائق الحقيقي للمصور آنذاك بحسب المواش، فالكاميرات كانت تتطلب تغيير البطاريات والفلاشات باستمرار، «وكم من المرات وقعنا في مواقف محرجة مع مسؤولين ووفود ديبلوماسية بسبب نفاد البطارية أو الفلاش». ويضيف: «مع انتهاء المهرجان حينها، كان المصور من دون مبالغة يحمل معه 100 فيلم، أما الآن في الوقت الحاضر، ومع تطور الكاميرات (جيل الديجيتال) فالوضع تغير تماماً، إذ يمكنك بذاكرة واحدة تصوير الجنادرية كاملة وبجودة عالية جداً بخلاف السابق». وعن عدد الصور التي التقطها المواش في مهرجانات الجنادرية منذ دورتها الأولى، قال إنها كثيرة جداً، تقدر بالآلاف، مشيراً إلى أنه يمتلك أرشيفاً خاصاً بصور لمهرجان الجنادرية في معمل العلاقات العامة برئاسة الحرس الوطني. الحديث مع المواش ذو شجون، فلم يكتف برواية قصته مع الكاميرا، ليبدأ بالمقارنة بين فعاليات المهرجان خلال الماضي والحاضر، فقال: «تختلف الفعاليات كل الاختلاف عما كانت في الماضي، ففي كل عام نجد شيئاً مختلفاً عن الدورات الأولى»، مشيراً إلى أن العرضة السعودية كانت سمة المهرجان منذ الانطلاقة، لكن الأوبريت يعتبر من المستجدات. وعن أبرز المواقف المضحكة التي مر بها المواش في الجنادرية، قال: «أذكر أنني كُلفت بمهمة تصوير رئيس البحرين السابق الشيخ عيسى آل خليفة، وكان داخل قاعة المنصة وأنا أمامه، فرجعت إلى الخلف لتصويره ألا أنني اصطدمت بطاولة وسقطت على الأرض، فإذا بالشيخ عيسى يمد يده ليساعدني ويسمي عليّ». من جهة ثانية، حطّم الغبار واقتراب انتهاء فترة الرجال الأرقام القياسية في أعداد الزوار للمهرجان، إذ تجاوز عدد الزوار 250 ألفاً. أكد ذلك ضابط الإدارة والعمليات في معسكر الجنادرية العميد عبدالرحمن الزامل. وأوضح أن يومي الإثنين والثلثاء شهدا إقبالاً ضعيفاً، بسبب العاصفة الترابية التي اجتاحت الرياض الثلثاء، مشيراً إلى أن السبب السابق إضافة إلى اقتراب انتهاء فترة الرجال في المهرجان التي تنتهي اليوم، قبل أن تبدأ فترة العائلات بدءاً من الإثنين المقبل، إذ سيتم في يومي السبت والأحد إعادة هيكلة المهرجان.