في ذاكرة سيدات سعوديات آلاف القصص التي يكون فيها الزواج مخادعاً، ومضللاً، ومتلاعباً، وطماعاً، وفاقداً للشهامة، وليس من طبعه الوفاء أبداً. تقول نوف: «تزوجت رجلاً في منتهى الطيبة، وعشت بداية حياتي سعيدة ومطمئنة، ثم أنجبت بنتاً أضفت على حياتنا حبوراً وإنساً، إلا أن الصفو لا يدوم، فقد وقع زوجي في شراك المخدرات وساءت حالته، وتدهورت صحته، وانقلبت حياتنا جحيماً، فصار يعود إلى البيت مخموراً، ولا يجيد عمل شيء سوى ضربنا وإيذائنا، فإذا اشتد الأمر اجتمعنا عليه أنا وعاملة المنزل وأدخلناه إحدى الغرف واغلقناها عليه، حتى إذا عاد إليه عقله أخرجناه منها». مضت شهور طويلة وهم على هذه الحال، وكانت نوف تحرص على ألا تخبر أهلها، خوفاً من تشويه سمعته عندهم، و «من أن يطلقوني منه، فآثرت الصبر والتضحية مع الدعاء والرجاء والأمل»، لكن الأمر تطور فصار يأتي بأصحابه الفاسدين معه إلى البيت، فلم «أجد بداً من أن أغلق على نفسي وابنتي وعاملة المنزل في دورة المياه حتى يخرجوا». وتضيف: «حين وصل الضيق هذا المبلغ، قررت علاجه في مستشفى الأمل، وقاتلت من أجل حصول ذلك. مكث هناك سنة كاملة خرج بعدها سليماً، لكنه كافأني على صنيعي هذا بالزواج من امرأة أخرى، وبعد سنة من زواجه الجديد طلقني». وتلفت نوف إلى أنها كأي فتاة في بداية الزواج مأسورة بالأحلام الوردية، وتأمل في رجل عاشق يأخذها معه على بساط الريح ويتزوجها، ويوليها حبه ورعايته وعطفه، وأن تكون كل شيء في حياته ويملأ شغاف قلبها. لكن الفارس المنتظر لم يقدر وفاءها له: «رماني بعد التضحية في «زبالة النسيان» كأي شيء انتهت مدة صلاحيته». وليس حال نوف ببعيد عن حال عهود (38 سنة) وهي مديرة مدرسة، ادخرت على مر السنين أموالها، وحين سمعت عن المساهمات التجارية رغبت في خوض التجربة، فسلمت زوجها تركة العمر، إذ لم يكن لديه مبلغ يؤهله دخول هذه المساهمة: «قررت مساعدته وفاءً مني له، فتولى أمور هذه التجارة، وصرت أتابع الأخبار أولاً بأول، والتفاؤل يملأ حياتي، وبعد حين بشرني بالكسب والربح وأقنعني باستثمار العوائد في مساهمة أخرى، وافقت وأعطيته الضوء الأخضر للبحث عن الأفضل. وتكررت العملية حتى جاء ذلك اليوم الذي أفصح بما في خاطره بعد أن حقق أرباحاً طائلة، فأخذ كل ما أملك «رأس المال والمكسب». نورة ورثت عن أبيها مالاً وفيراً، وحين رزح زوجها تحت الديون، طلب منها أن تقرضه المال ليسدده. تقول: «لم أتردد. بعد بضعة أشهر انتشر خبر زواجه بفتاة صغيرة من أموالي». يقول الاختصاصي النفسي وليد الزهراني: «مع ازدياد أعباء الحياة كثرت المشكلات على اختلاف أنواعها، فالمرأة معروف عنها الوفاء أكثر من الرجل، وترد إلينا في العيادة حالات كثيرة يكون الزوج فيها هو الآثم الوحيد، فبمجرد أن تمرض الزوجة مرضاً خبيثاً يتطلب الأمر أن يبدأ الزوج بمعالجتها نفسياً وهو في المنزل حتى تستجيب للعلاج. لكن يحصل العكس، فإذا علم أنها مصابة بالمرض الخبيث، أخذ يطرق أبواباً للزواج، وهذا حق مشروع له، ولكن عليه أن يراعي زوجته في هذا الظرف». ويضيف: «تصاب المرأة نتيجة عدم وفاء الزوج، بأمراض نفسية جمة مثل الكآبة والإحباط نتيجة الشعور بالغبن والظلم، وتشعر بفقدان الأمان ونقص الثقة في الرجل».