عندما انفجرت أحداث تموز (يوليو) 2006 في لبنان وصفت القيادة السعودية ما حدث بأنه مغامرة غير محسوبة، إشارة منها إلى أن أمن الأوطان ليس مجالاً للمغامرات السياسية غير المأمونة، وأن الألعاب لا تتفق مع روح الحكم السليم، فهذا النوع من الأخطاء يكلف الناس أمنهم وسلامتهم وعيشهم، وضياع مصالحهم، وحين بدأت الاعتداءات على جنوب المملكة العربية السعودية من قبل عصابات مهووسة، منهجها القتل والتغرير بالناس، رفضت السعودية تعريفهم باسمهم الحركي الذي انتسبوا إليه وهو «الحوثيون» ووصفتهم بالمتسللين، لأنها تريد أن تضع تعريفاً واضحاً صريحاً ومحدداً لنطاق حربها الدفاعية، وبأنها حرب دفاعية ضد المتسلل لأمنها وأرض سيادتها، رافضة بذلك أن تدخل في حرب عقائدية أو أيديولوجية، حتى ولو أراد الطرف الآخر توريطها وجرها إليها، فالقيادة السعودية عرفت دائماً بأنها آخر من يجر إلى الحروب وأول من يسرع لحقن الدماء وإنهاء الخصومات. الدرس الذي نتعلمه اليوم من هذا التهديد الأمني لبلادنا هو درس تلخصه القيادة السعودية حين وصفت الأعداء بالمتسللين، درس يقول بأن موقفنا اليوم كمواطنين يجب أن يكف عن تبني المغامرات الأمنية غير المحسوبة ورفض المتسلل، ورفض كل شعار يحمله هذا التهديد والتسلل. نعم نحن مجتمع تختلف طبقاته وتتنازع بعضها أهواؤه، وتعلو في المجادلات أصواته، كل منا يزعم أن لديه مشروعاً فكرياً، أو اقتصادياً، أو إصلاحياً، لكن حين تمس حدود وطننا لا بد أن نرفض أن يستغل أحد هذه الفرصة لتحقيق مكاسبه الشخصية أو يزايد لينال حظوة يستأثر بها من دون مخالفيه أو يجعل منها فرصة لتصفية منافسيه. حين يمسّ أمن وطننا علينا الكف عن التفكير بأننا طوائف تختلف في تفاصيلها الهامشية، أو تظن أنها من الأهمية بحيث تتقدم على أمن الوطن، كما علينا أن نكف عن النظر لأنفسنا على أننا كيانات قبلية تظن كل قبيلة أنها تكسب لو سارعت بتقديم دعمها على أساس قبائلي، لأننا وبكل بساطة ننتمي لكيان دولة كبير، وأرض غالية، وقيادة سعودية، وواجبنا بلا منّة ولا مزايدة هو الالتفاف حولها ساعة الخطر. إن بذر العداوات واستغلال وقت الحرب لتصعيدها، إنما هما مكائد لا يقوم بها إلا ضعاف النفوس والحمقى من البشر، كما إن الشحن الطائفي الذي يتردد على ألسنة بعض الناس لوصف الحرب بأنها عداوة طائفية هو محدودية في النظر تظن أن الحرب مثل خصومة مع الجيران تسببت بها نميمة، أو عراك أطفال إثر شتيمة، وأن عواقبها مع شروق شمس الصباح ستنجلي. إن الشوكة التي يغرسها المتسللون اليوم في جسد وطننا لتكون واجهة حرب جديدة ليس سببها خلافات طائفية، إنما هي مطامع توسعية بالسلطة وتعدٍّ جائر على أمن وسيادة دولة لم تبدأ بالحرب ولم تحرّض عليها. [email protected]