واصلت الرقابة العسكرية في إسرائيل مرافقة كل ما ينشر في وسائل الإعلام العبرية عن المفاوضات الجارية مع حركة «حماس» لإتمام صفقة تبادل الأسرى بسلاسل من حديد، على رغم احتجاج الإعلام وعائلات «متضرري الإرهاب» على التعتيم. أما الجديد الوحيد الذي جاءت به وسائل الإعلام فهو تأكيدها أن الصفقة، بغض النظر عن تفاصيلها الدقيقة، ستحظى بتأييد غالبية وزراء الحكومة الإسرائيلية. وإزاء الأصوات المرتفعة المنتقدة فرض جدار من التعتيم على المفاوضات، أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أمس أنه «حتى الآن لا توجد صفقة، ولا أعرف إذا ما كانت ستتحقق»، مضيفاً أنه في حال تم التوصل إليها فستطرح على طاولة الحكومة للحسم، «ولن نتخلى عن نقاش عام حول الصفقة ولن نقوم بإقرارها في غفلة». ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عنه قوله في اجتماع مغلق إنه «لا يزال غير واضح ما الذي يحدث في الجانب الآخر في ما يتعلق بالمطالب المختلفة... هذه الأمور ستتضح مع مرور الوقت. ولا جدوى من الشروع في نقاش نظري طالما ليس واضحاً ما الذي سيقترحه الجانب الآخر وما الذي يمكننا أن نوافق عليه». لكن صحيفة «هآرتس» نقلت عن أوساط سياسية قريبة من نتانياهو قولها إن الاتصالات في شأن الصفقة «أصبحت في المراحل الأخيرة والخلاف الآن هو حول بضعة أسماء». وكرر وزير الدفاع إيهود باراك القول إن مسؤولية ثقيلة ملقاة على كاهل حكومة إسرائيل لإعادة الجندي المخطوف غلعاد شاليت إلى بيته، معتبراً أنها «مسؤولية عليا سواء من الموقع القيادي أو الأخلاقي، وعلينا أن نكون جاهزين ومستعدين لنعيد شاليت إلى بيته في أي خطوة مناسبة وممكنة». لكنه رفض الإدلاء بتفاصيل إضافية لحساسية الموضوع. كذلك لم يبدد رئيس هيئة الأركان الجنرال غابي أشكنازي الضباب المحيط بالمفاوضات، واكتفى بالإعراب عن أمله في أن يعود شاليت إلى بيته «قريباً»، وأنه كقائد أعلى للجيش «سنقوم بكل ما يلزم من أجل إعادته إلى بيته، وأرجو أن يعود مع سائر الأسرى والمفقودين، وليس في وسعي الإسهاب أكثر». ورفض وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلله الذي تتوسط بلاده مع مصر في الصفقة، التطرق خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده في القدسالمحتلة مع نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى تفاصيل المفاوضات الجارية، واكتفى بالتعبير عن أمله بأن تتحقق «نهاية طيبة» للمفاوضات «ونتوصل إلى نتيجة إنسانية... لكن يحظر علينا تعريض ذلك إلى الخطر بالكلام العلني عما يحصل». من جانبه، قال ليبرمان إنه لا يستطيع تحديد موقفه من الصفقة قبل الإطلاع على كل التفاصيل. وأضاف أن «القرار ليس سهلاً، ووزراء حزبنا أحرار في التصويت، كل وفق ما يمليه عليه ضميره... ليس صحيحاً أن يتدخل وزراء في العمل الذي يقوم به المفاوض الخاص حاغاي هداس مع الوسيط الألماني». وقدّر زعيم حركة «شاس» الدينية نائب رئيس الحكومة ايلي يشاي أن تصادق الحكومة على صفقة إطلاق سراح شاليت «لأنني كما جميع وزراء الحكومة نعتقد أنه يجب بذل كل شيء من أجل إعادة شاليت إلى بيته». وأعرب عن أمله في أن ترى الصفقة النور قريباً وفي غضون أسابيع على الأكثر. وكانت الصحف الإسرائيلية أبرزت في عناوينها أمس أن غالبية أعضاء الحكومة تؤيد صفقة التبادل على رغم أن معظم الوزراء ما زالوا يجهلون تفاصيلها. وذكرت «يديعوت أحرونوت» أن ما لا يقل عن 16 وزيراً من مجموع الوزراء ال30 يؤيدون الصفقة، بينما لم يحسم عشرة وزراء آخرين أمرهم، فيما سيعارضها أربعة وزراء على الأقل. وأكد وزير الصناعة والتجارة بنيامين بن اليعيزر تقديرات يشاي في شأن الغالبية الوزارية المتوافرة لدعم الصفقة. وأضاف في حديث للإذاعة العامة إن «اسرائيل اقتربت جداً من الاتفاق على تبادل سجناء مقابل الإفراج عن شاليت»، مضيفاً أنه ليست واضحة بعد هوية السجناء الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم بموجب الاتفاق. ورأى أن التأييد السياسي الواسع للتوصل إلى اتفاق «في بلد تعتبر فيه قضية شاليت قضية رأي عام» سيسرّع من التوصل إلى الاتفاق. وأضاف: «بالتأكيد، نحن اليوم أقرب مما مضى. من الواضح أن الاتفاق سيكون له ثمن، ومن الواضح أنه ستكون هناك أسماء قتَلة عتاة في الاجرام. الحكومة ستقرر وأرجو أن يكون القرار إيجابياً». وكرر موقفه الداعي للإفراج عن القيادي في «فتح» مروان البرغوثي، فيما قال النائب الأول لرئيس الحكومة سيلفان شالوم إنه «لن يتم إطلاق سراح البرغوثي والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات». في غضون ذلك، توجهت ثلاث عائلات إسرائيلية ثكلى ومنظمة «الماغور» أمس بالتماس إلى المحكمة العليا طالبت فيه بأن يسمح للإعلام الإسرائيلي بالتعاطي مع تفاصيل المفاوضات بحرية. واعتبرت الرقابة المفروضة «باطلة وغير قانونية».