قدّمت الفنانة اللبنانية لمياء صفي الدين، حفلة في باريس لمناسبة يوم المرأة العالمي، مطلقة على استعراضها عنوان «لحظات امرأة». وتحيي من خلاله الأوقات المختلفة والأساسية في حياة المرأة، بصرف النظر عن سنّها أو كيانها الاجتماعي أو المكان الذي نشأت وتعيش فيه. وتضمّن العرض قراءة مجموعة من النصوص الأدبية والشعرية بصوت الممثلة المسرحية بريجيت زرزع، دارت أساساً حول وضع المرأة في الزمن الحالي. ويفيد أحد هذه النصوص، بأن صوت الشعراء يصرخ بالألم بينما تتمتع الأجساد بالحياة لأن الحركة تضمد القلوب. أما اللوحات الراقصة التي أشرفت على تصميمها صفي الدين، فقد أدتها على خشبة المسرح سبع فنانات تابعات لفرقتها الاستعراضية. وقدمت الفنانة اللبنانية عرضها على أغنيات لكلّ من أم كلثوم وفيروز وناتاشا أطلس وجرجرة وصافي بوتيلا وألان باشونغ وجيمس براون وسيرج غينزبر وسعاد ماسي وبيتر غابريال وغيرهم. ودارت الأمسية حول عنصرين في حياة كل امرأة: القوة وصفاء النفس. وعبرت المشاهد الراقصة عن قدرة المرأة على التفوّق على القيود المفروضة عليها في شكل أو بآخر، وذلك في كل أرجاء العالم، ماضياً وحاضراً. وتقول صفي الدين إنها تنظر إلى الرقص على أنه الرابط القوي الذي يجمع بين المرأة والأرض التي تنتمي إليها، أي وطنها، وهو لبنان في حالة صفي الدين. وتتخذ الفنانة منذ عام 1992 الرقص وسيلة للدفاع عن كيان لبنان من ناحية، وكيان المرأة العربية عموماً من جانب آخر، كما تسعى إلى تعميق الرباط بين الشرق والغرب، وإبراز القيم المشتركة التي تجمع لا شعورياً بين الحضارتين الشرقية والغربية. وتصوّر صفي الدين المرأة في العالم العربي من خلال فقرات استعراضها، على أنها تمسك زمام بلدها بقوة وحكمة حتى إذا حدث ذلك في شكل غير مرئي رسمياً، فهي تؤثر في أصغر التفاصيل في حياة وطنها. وربما أن الجانب الخفي من سلطتها هو الذي يجعلها لا تقهر على المدى الطويل. وكانت الفقرات الراقصة جذابة ومتقنة، في التصميم والإخراج والأداء والمرافقة الموسيقية، إضافة الى الديكور المميز والإضاءة التي أدت دوراً أساسياً في كل لوحة وكأنها عضو في فرقة صفي، مشاركة في الحركة الزاخرة فوق خشبة مسرح «تور دي دام» في الدائرة الباريسية التاسعة. وصفي الدين، لبنانية الأصل، «تكوّنت» في القدس وفق تعبيرها، ودرست في بلجيكا والبرازيل. حائزة دكتوراه في التربية، ومناضلة سياسية في سبيل القضايا العربية، لكن ذلك كله لم يقف أمام رغبتها في أن تصبح «راقصة عربية» من طراز جديد ومعاصر، ومن أن تستخدم الرقص والموسيقى سلاحاً ضد التعصّب وجهل الشعوب بعضها لبعض.