الانتقادات الحادة للبرنامج الثقافي، والاعتذارات التي توالت من أعضاء اللجنة الثقافية، المكلفة إعداد البرنامج واقتراح المدعوين، جراء تدخل الجهة المنظمة، لم تنل، كما يبدو، من حماسة المثقفين الذين حضروا بكثافة، افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب مساء أول من أمس ولم تؤثر في مراسم الافتتاح وانطلاق النشاطات الكثيفة. لم يعنِ هذا، في رأي بعض المثقفين، أن سقف التطلعات خفيض في ما يخص مستوى هذه النشاطات التي تقام على هامش المعرض، إنما لأن «كتاب الرياض» الذي يرعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ليس مجرد ندوات وأمسيات أدبية، من وجهة نظرهم، بل هو في المقام الأول موسم لاقتناء الكتب، ومناسبة فريدة يحتفي فيها محبو القراءة بالكتاب، أياً يكن نوعه وطبيعة محتواه. فمعرض الرياض الذي تنطلق دورته الجديدة تحت شعار «الكتاب... تعايش»، ويشهد هذا العام مشاركة 915 دار نشر من 29 دولة، تعرض أكثر من 600 ألف عنوان، يبقى اشبه بمهرجان شعبي بامتياز، كأن تتسنى رؤية أفراد الأسرة جميعهم، يفتشون في أجنحة دور النشر عن عناوينهم المفضلة، ويؤم المعرض الزوار من مختلف المدن، خصوصاً في عطلة نهاية الأسبوع. والمعرض أيضاً هو سوق مهم للناشرين العرب والسعوديين، يعوّضون فيه خسائرهم هنا وهناك. ولكن لا يبدو أن هذه الصورة التي راح المعرض يكتسبها دورة فأخرى، بصفته سوقاً كبيرة للكتب، تروق شريحة من مثقفين يتطلعون إلى أن يتحول «كتاب الرياض» إلى تظاهرة ثقافية فعلية، داعين الجهة المنظمة إلى استقطاب أدباء من العالم، وتوسيع خريطة المشاركين من الكتّاب العرب، والعمل للإفادة من الحضور الهائل لإبراز تحولات المشهد الثقافي، وتسليط مزيد من الضوء على أبرز رواده. اختار معرض الرياض دولة جنوب أفريقيا ضيف شرف لهذا العام، ويتطلع الوفد الجنوب أفريقي، الذي ترأسه وكيلة وزارة الفنون والثقافة جيويس ما بوداهاس، للمشاركة بصورة فاعلة في نشاطات المعرض، كما «يتيح الإلمام بصورة أشمل بالثقافة في جنوب أفريقيا». وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي عادل الطريفي، في حفلة الإفتتاح، إن المعرض يأتي «في مرحلة تسود فيها تيارات عنف وإلحاد تتحدى الأمن والاستقرار، وتستلزم جهود مثقفي العالم وكتّابه، لكشف زيفهم وتعزيز مبدأ التعايش بين البشر والثقافات، وهنا يأتي دور الكتاب والكاتب». وفي حفلة الإفتتاح كرّم الوزير وزير الثقافة والإعلام السابق عبد العزيز خوجة، في لفتة كريمة الى جهوده البارزة التي لقيت صدى إيجابياً في الدورات السابقة من المعرض. وكرّم أيضاً أصحاب المتاحف والفائزين العشرة بجائزة أفضل كتاب، التي تمنحها وزارة الثقافة والإعلام في مجالات مختلفة. وشاهد الحضور فيلماً وثائقياً عن دولة جنوب أفريقيا التي أكد سفيرها محمد صادق جعفر في كلمته أهمية التبادل الثقافي بين بلده والسعودية. ويضم البرنامج الثقافي الذي أثار الجدل، ندوات وأمسيات، يشارك في إحيائها كتّاب وباحثون من السعودية والعالم العربي.