وقف شاب فلسطيني حائراً أمام علم بلاده. وقف حليقاً يشبه هندياً أحمر من قبيلة الشيروكي. تلك القبيلة التي عُرفت لبيوتها الطويلة وحضارتها المتقدّمة. وقد تميّزت معاملة "البيض" لها عن سواها من القبائل، مع أنها لم تنجُ من السلب والانقراض. والمضحك المبكي أن سكانها يُعتبرون من السكان الأصليين لقارة كانوا فيها قبل كولومبوس وأميريكو فوسبوتشي الذي أطلق اسمه على القارة الجديدة، أميركا. وعليه، تُعتبر تسمية القارة وتسمية سكانها بالهنود ارتكاباً بحق شعوب لم تهوَ التسميات. ولعلّ تساؤل إيغناسيو إكْ، أحد وجهاء شعب المايا المعاصر، الذي ولد في المكسيك في 1910، يبيّن هذا الارتكاب. قال إك، والقول وارد في عدد من المراجع التاريخية، منها "القارة المسلوبة" للمؤرّخ رونالد رايت: "عندما اكتشف كولومبوس أميريكا أين كنا نحن؟". صحيح أين كانت تلك الشعوب؟ وهل ظهرت فجأة، من "نافذة زمنية"، في القارة إثر تسميتها، وراحت تقاتل البيض بالفؤوس والأقواس النشّابة، مطلقة زغاريد؟ المهم، أن ذلك الشاب الفلسطيني من رام الله (في الصورة)، ومن دون أن يعي تلك الأمور أو يفقه شيئاً عن حضارات "الهنود الحمر"، فصّل عولمة على مزاجه، من أعلام تعود لفرق كرة قدم مختلفة، أبرزها علم البرازيل البلد الذي ينتمي إلى القارة المسلوبة، ومن تسريحة كتسريحة شعب الشيروكي، ودراجة يمتطيها، تذكّر بجيادهم المرقّطة (التي تُعرف باسم أبالوزا). إلاّ أن الشاب يبدو حائراً أمام علم بلاده، متسائلاً أين يضعه في ديكوره المعولم. ولعلّه يتساءل، على منوال إيغانسيو إكْ: "عندما اغتصبت فلسطين، أين كنا نحن؟"... السؤال يعيد نفسه مثل التاريخ. * الصورة لوكالة "أسوشيتد برس"، التقطت في 29 أكتوبر أثناء تحرك فلسطيني دعماً لتقرير غولدستون. ___________ لإرسال صورة وتعليق: [email protected]