قال المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا رداً على أسئلة ل «الحياة» أمس، إن نجاح تجميد القتال في حلب شمال سورية يفتح الباب أمام «نسخ» التجربة في غوطة دمشق وحمص وسط البلاد ودرعا جنوباً، لافتاً إلى أن العمليات القتالية ازدادت في حلب، ومن بينها تفجير مقر الاستخبارات الجوية أول من أمس، لأن «الأطراف تريد تحسين وضعها الميداني» قبل بدء وقف القصف المتبادل لمدة ستة أسابيع. وأشار دي ميستورا إلى طلبات وأسئلة قدمت إليه كي يتحدث إلى «جبهة النصرة» لإنجاح خطته في تجميد القتال في حلب، قائلاً: «التقيت الكثير مع الناس، لا شك أن أمي لن تكون فخورة بلقائي إياهم. من هذا المنطق نلتقي الجميع، لكن من وجهة نظر دولية هم إرهابيون». وأوضح في تصريحات أخرى: «إنهم مصنفون ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية بموجب قرار صادر تحت الفصل السابع من مجلس الأمن، لهذا ليس بالإمكان الحديث معهم رسمياً، لكني آمل أن يستمعوا إلى الرسائل والمناشدات التي نوجهها باسم الشعب السوري». وبدا أنه يميز بين «داعش» باعتباره تنظيماً إرهابياً و «النصرة» ذات القاعدة المحلية التي يمكن أن تنبذ العنف وتنشق عن تنظيم «القاعدة». ويزور دي ميستورا لندن لإجراء لقاءات مع مسؤولين وديبلوماسيين بريطانيين وخبراء في مؤسسات بحثية وشخصيات سورية معارضة بعد زيارته باريس أول من أمس، بالتزامن مع قيام بعثة دولية تابعة له بإجراء محادثات في حلب ل «تحديد المساحة» التي سيتوقف فيها إلقاء «البراميل المتفجرة» والقصف من النظام السوري وقذائف الهاون و «مدافع جهنم» من قبل المعارضة، وفق قوله أمس. وحاول دي ميستورا في زيارته الثانية لندن، كسْبَ تأييد مؤسسات البحث وجماعات الضغط، باعتبار أن بريطانيا بين الدول التي تشكك بقوة في نجاح خطته ل «تجميد» القتال، لكنها ليست بصدد معارضتها، لغياب البديل، كما هو حال موقف أميركا وفرنسا. وذكر دي ميستورا خلال لقائه باحثين في «مؤسسة تشاتام هاوس» مدى انخفاض التوقعات بالنجاح لدى تسلمه مهمته الصيف الماضي خلفاً لكوفي أنان والأخضر الإبراهيمي، وذلك بسبب غياب التفاهم الدولي بين أميركا وروسيا والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وغياب التعاون الإقليمي بين اللاعبين في الأزمة السورية، لافتاً إلى وجود «220 ألف قتيل ومليون جريح و3.2 مليون لاجئ، إضافة إلى أن دمار الاقتصاد والبنية التحتية وتحول مليون سوري يعتزون بكرامتهم إلى الاعتماد على المساعدات الخارجية». ثم رفع كتاباً كُتبت فيه أسماء آلاف القتلى، وقال: «هؤلاء ليسوا أرقاماً، بل بشر من لحم ودم». وأشار دي ميستورا إلى أن جميع المسؤولين الذين التقاهم في المنطقة والعالم يقولون إنهم يريدون حلاً سياسياً، لكنهم في الوقت ذاته يعملون على الحل العسكري. لكنه أكد وجود عاملين قد يغيران المعادلة: «الأول سيطرة داعش على قسم كبير من العراق وسورية»، وتوقع أن «هذا سيكون إنذاراً إلى كل طرف للتحرك بسرعة لمعالجة مشكلة «داعش» عبر الحل السياسي في سورية. والثاني انخراط بعض الدول في التحالف الدولي- العربي ضد داعش»، في إشارة إلى غارات التحالف في شمال سورية وشمالها الشرقي. وعليه، أشار المبعوث الدولي إلى أنه فكر بطرح مبادرته ل «خفض العنف» لأنه إذا كان علاج المريض غير ممكن في الكامل، فتقديم الدواء لتخفيف الألم أمر ضروري. وزاد: «بعض المبادرة في خفض العنف يمكن أن يخلق أملاً ويدفع الأطراف إلى التفكير بحل سياسي»، مشدداً على ضرورة اتخاذ «إجراءات بناء ثقة ثم الانتقال لإطلاق العملية السياسية». وزاد أنه اختار البدء بحلب لتنوعها الحضاري وأهميتها لسورية والمنطقة، ولأنها مدينة «متنازع» عليها بين النظام والمعارضة، مجدداً التمييز بين «وقف النار» و «تجميد» القتال. وقال: «نريد من الطرفين، الحكومة والمعارضة، وقف قصف المدينة كي نقدم مساعدات إنسانية ونحول ذلك إلى نموذج يحتذى في أماكن أخرى». وقال رداً على أسئلة ل «الحياة» إن «التجميد مختلف عن وقف النار»، مشدداً على أهمية «وقف القصف بالسلاح الثقيل الذي هو سبب 80 في المئة من القتل». وأضاف: «نريد وقف القصف المتبادل لستة أسابيع على مدينة حلب لنقدم مساعدات إنسانية ونقدم نموذجاً»، لافتاً إلى أن فريقه في حلب يحدد مساحة المدينة التي يجب وقف قصفها. وقال للقسم العربي في «هيئة الإذاعة البريطانية» أمس: «تخيل أن سكان حلب من كلا الطرفين سيعيشون ستة أسابيع من دون براميل متفجرة ولا صواريخ ولا هاون، وسيتمكنون من التحرك دون خوف مما يسقط من السماء وهم يصطحبون أطفالهم إلى المدرسة أو يشترون الطعام، ألا يصنع هذا اختلافاً؟ في الوقت ذاته سيكون حي بعينه مثالاً لكيفية تحسن الوضع الإنساني دون قصف أو براميل في كل المدينة». وأعلنت «هيئة قوى الثورة في حلب»، وهي تجمع رئيسي للمعارضة السياسية والعسكرية في المحافظة، رفضها مبادرة تجميد النزاع، وأنها «قررت عدم لقاء بعثة دي ميستورا» الموجودة حالياً في مدينة حلب والتقت ممثلين عن الحكومة السورية. وقال دي ميستورا: «لدينا بعثة ويعملون في حلب. بعض الفصائل المعارضة رفضت البدء بحلب وتريد مكاناً آخر. هذا ما نريده أن يحصل في دمشق وحمص ودرعا، لكن نريد أن نبدأ بمكان ما». وفي حال نجاح فكرة «التجميد»، على صعوبتها، يأمل دي ميستورا بالانتقال إلى البعد السياسي، وقال: «لا نريد اختراع العجلة. هناك بيان جنيف، وهو مقبول من كل الأطراف الدولية»، لكنه أشار إلى انه عندما «أُقر (البيان) في حزيران/ يونيو 2012 لم يكن داعش موجوداً، لذلك لا بد من أخذ ذلك بالاعتبار». ورحب دي ميستورا باجتماعات المعارضة في «موسكو1» نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي بعد مؤتمر «القاهرة1»، قائلاً إنه «يشجع على لقاءات إضافية بين المعارضة، بحيث تكون جاهزة عندما تأتي لحظة الحوار مع الحكومة» للتوصل إلى حل سياسي على أساس «بيان جنيف». وأضاف: «هل ستأتي اللحظة كي يقول الجميع: خلص، دعونا للدفع ثم نبدأ عملية السلام والإفادة من خفض مستوى العنف؟». وأوضح ما قاله في فيينا قبل أسابيع من أن الرئيس بشار الأسد «جزء من الحل»، قائلاً: «قلت وأؤكد أنني أشير إلى البُعد العسكري. أي طرف لديه القدرة على خفض العنف ولديه طائرات وآلات قصف، يجب أن ننخرط معه لوقف العنف، أما الجانب السياسي فهو عائد إلى السوريين». كما دافع عن الانخراط مع إيران للوصول إلى حل، قائلاً إنها «دولة إقليمية وجارة سورية ولديها تأثير على النظام ويجب أن تشعر أنها جزء من الحل».