شهدت العلاقات بين مصر والجزائر امس بوادر أزمة حادة على خلفية ما وصفته القاهرة ب «هجمات غوغائية» تعرّض لها مشجعو الفريق المصري لكرة القدم على ايدي مشجعي الفريق الجزائري في الخرطوم ليل الأربعاء إثر المباراة الحاسمة المؤهّلة لنهائيات كأس العالم لكرة القدم في جنوب أفريقيا العام المقبل. وانتهت المباراة بفوز فريق «الخضر» الجزائري على «الفراعنة» المصري بهدف بلا مقابل. واستدعت مصر سفيرها لدى الجزائر للتشاور، كما استدعت سفير الجزائر في القاهرة عبدالقادر حجار لإبلاغه احتجاجاً شديد اللهجة على الاعتداءات التي تعرض لها مصريون على ايدي المشجعين الجزائريين، والتي وصفها بيان للخارجية المصرية ب «الوحشية». كذلك احتجت الخارجية أمام السفير على الاعتداءات التي طاولت مصالح مصرية في العاصمة الجزائرية. وقال ناطق باسم الخارجية المصرية إنها أبلغت السفير الجزائري كذلك بأن مصر تعتبر أن السلطات الجزائرية «سعت إلى إبقاء الفتنة مشتعلة» خلال الأيام الأخيرة. وأضاف الناطق أن مصر أبلغت السفير الجزائري أن «التصريحات الرسمية المصرية على مدار الأيام الماضية كانت تسعى إلى التهدئة وتخفيف الاحتقان، ولم تفلح المطالبات المصرية المتكررة في قيام الجانب الجزائري بإصدار تصريحات رسمية مماثلة، وهو ما أسهم في شحن الأجواء في الجزائر ضد مصر والمصريين، وجاءت تبعاته في صورة اعتداءات وحشية غير مبررة على المصريين، وتتناقض مع مفهوم العلاقات الأخوية وسمو التنافس الرياضي». وأكد أنه تم إبلاغ السفير بأن «السفارة الجزائرية في القاهرة وجّهت مساء الأحد الماضي، مذكرة رسمية تستفسر فيها عن عدد وفيات الجزائريين عقب المباراة الأولى التي جرت السبت الماضي، وأنها تعلم تماماً انه لم تكن هناك وفيات من الأساس، وهو ما قامت الوزارة بالرد عليه في حينه وبشكل قاطع». وتابع البيان أن وزارة الخارجية المصرية «اعتبرت هذه المذكرة (الجزائرية) غير مبررة، وتسعى لإبقاء الفتنة مشتعلة، وليس لإطفائها على النحو الذي كان يؤمل به». وأعلن وزير الصحة المصري حاتم الجبلي في تصريح إلى التلفزيون المصري أن 21 مشجعاً مصرياً أصيبوا بجروح بسيطة، بينهم 12 خرجوا من المستشفيات، بعد تلقي الإسعافات اللازمة، وما زال الباقون يتلقون الرعاية الطبية. وعقد كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين المصريين اجتماعات مكثفة لدرس سبل التعاطي مع تداعيات الأزمة مع الجزائر. وعاد الفريق الجزائري إلى بلاده بعد ظهر أمس ويُفترض أن يكون الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة قد استقبله لاحقاً. وعمّت الاحتفالات بفوز «الخضر» مختلف المناطق الجزائرية وتصدر خبر التأهل إلى «مونديال 2010» أخبار الصحف المحلية التي أشادت ب «الإنجاز الوطني الكبير». وأعلن مسؤولون أن آلاف المشجعين الجزائريين الذين انتقلوا الى الخرطوم لمساندة فريق بلادهم، بعدما وفرت السلطات طائرات لنقلهم بأسعار مخفوضة جداً، «سيعودون جميعهم إلى أرض الوطن خلال 72 ساعة». وبعث الرئيس بوتفليقة ببرقية إلى نظيره السوداني عمر البشير شكره فيها على «حسن الضيافة» التي لقيها منتخب بلاده والمشجعون الجزائريون في الخرطوم. وفي العاصمة السودانية، نفى مسؤولون اتهامات مصرية بأن قوات الأمن قصّرت في حماية مشجعي «الفراعنة». واستدعت وزارة الخارجية سفير مصر في الخرطوم وأبلغته احتجاجها على هذه الاتهامات. وبدا السودانيون غاضبين من تصريحات لمسؤولين مصريين قالوا إن الرئيس حسني مبارك اتصل بالرئيس البشير لإبلاغه بضرورة حماية المشجعين المصريين الذين كانوا يشكون من تعرضهم لاعتداءات جزائرية في الخرطوم، وإنه قال إن مصر مستعدة لتولي هذه المهمة بنفسها إذا لم يتمكن الأمن السوداني من القيام بها.