أعادت أمس المحكمة الدستورية العليا قانون تنظيم الانتخابات التشريعية إلى مجلس الشورى الذي يمتلك السلطة التشريعية موقتاً، بعدما أبدت ملاحظات «جوهرية» في شأن عدم دستورية خمس مواد طالبت بتعديلها، أبرزها ضرورة إجراء تعديلات على تقسيم الدوائر وإسقاط عضوية النائب في حال غيّر صفته الحزبية، وهي ضمن مطالب رئيسة كانت قوى المعارضة تنادي بها. وانتقدت المحكمة ضمناً «مخالفة» مشروع القانون نصوص الدستور الجديد، كما رأت في إحدى مواد القانون «اعتداء على استقلال السلطة القضائية». ووفق الدستور الجديد، فإن الشورى ملزم بإجراء التعديلات التي طلبتها المحكمة الدستورية، وهو ما من شأنه إرجاء انطلاق الاستحقاق التشريعي، لا سيما أن تعديل تقسيم الدوائر الانتخابية سيشهد جدلاً واسعاً بين القوى السياسية. ورحبت «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة بقرار المحكمة، لكنها طالبت بضرورة التوافق بين القوى السياسية على التقسيم الجديد للدوائر. لكن الدستور الجديد يلزم السلطة أيضاً بالبدء في إجراءات الانتخابات خلال ستين يوماً من التصديق على الدستور، أي مطلع الأسبوع المقبل. وأفيد بأنه يمكن تدارك تلك الأزمة القانونية عبر «إصدار قرار رئاسي بتحديد الجدول الزمني للاستحقاق على أن يفتح باب الترشح بعد شهر من الآن، ليكون القانون جاهزاً في حينه». وكان مجلس الشورى الذي يتولى السلطة التشريعية موقتاً أقر قانون تنظيم الانتخابات النيابية منتصف الشهر الماضي، قبل أن يحيله على المحكمة الدستورية للبت في مدى دستوريته. وأعادت المحكمة القانون إلى مجلس الشورى محملاً بملاحظات بعدم دستورية بعض نصوصه وهي تعريف العامل والفلاح، وتقسيم الدوائر، والعزل السياسي، وانتخابات المصريين في الخارج، وتغيير النائب صفته أو انتماءه السياسي. وألزمت المحكمة المجلس بحذف النص في القانون على ضرورة أن يعتمد العامل أو الفلاح «بصفة رئيسة على دخله بسبب عمله اليدوي أو الذهني في الزراعة أو الصناعة أو الخدمات». ورأت أن هذا «تقييد لما أطلقه النص الدستوري في تعريف العامل والفلاح، مؤداه انحسار صفة العامل عن كل من يعمل لدى الغير في المجالات الأخرى». وطالبت بإجراء تعديلات في ما يتعلق بإسقاط العضوية إذا غيّر عضو مجلس النواب الصفة التي ترشح بها (عامل أو فلاح أم فئات)، وأوضحت أنه «كي يتفق هذا النص مع أحكام الدستور، فإنه يتعين أن يمتد بحيث يسري حكم إسقاط العضوية على كل الحالات التي يغير فيها عضو مجلس النواب الصفة التي ترشح بها سواء كانت صفة العامل أو الفلاح أو إذا غير انتماءه الحزبي أو تخلى عنه وأصبح مستقلاً، أو صار المستقل حزبياً». وشددت المحكمة على أنه «في حال جمع القائمة الواحدة بين منتمين إلى أحزاب ومستقلين يجب أن تظهر صفة المرشح باعتباره مستقلاً أو منتمياً إلى حزب معين لتعلق ذلك بحق الناخب في الوقوف على حقيقة المرشح عند الإدلاء بصوته لاختيار من هو أحق به». وشددت على «ضرورة إعادة تقسيم الدوائر على نحو منضبط بحيث يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات التزاماً بحكم المادة 113 من الدستور، كما يجب ألا ترسم الدوائر بطريقة تعسفية من دون مراعاة للصالح العام». وأبرزت تضارباً بين نصوص مشروع القانون والدستور، خصوصاً في مادة الشروط الواجب توافرها في المرشح والتي تنص على أن يكون مصرياً في حين أن نص المادة (113) من الدستور لم تكتف بكون المرشح مصرياً فقط وإنما ألزمته بأن يكون مصرياً متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية. وشددت المحكمة على أنه «يتعين تفسير عبارة إعلان النتيجة في اللجان (الانتخابية) الفرعية الواردة في نصوص مشروع القانون، بأنها تعني مجرد إجراء حصر عددي مبدئي لأصوات الناخبين لا ينبئ عن فوز مرشح أو خسارة آخر»، كما طالبت ب «وضع معيار محدد ودقيق لمنظمات المجتمع المدني المُشار إليها في نص المشروع، حتى لا يسمح بحضور بعض ممثلي المنظمات غير المرخص لها وفقاً للقانون، وأن يوضع حد أقصى لعدد وممثلي هذه المنظمات في كل لجنة انتخابية حتى لا تؤدي كثرة العدد إلى تعطيل العمل أو اضطرابه على نحو يخلّ بحقَي الانتخاب والترشيح». وألزمت الحكومة بإجراء اقتراع المغتربين تحت إشراف قضائي كامل. وأوضحت أن «الدستور استحدث نظاماً جديداً للإشراف على الانتخابات العامة والاستفتاءات عهد به إلى المفوضية الوطنية للانتخابات، وإذا كانت مشاركة المصريين في الخارج في الاستحقاقات التي جرت في الفترة الماضية تمت بمعرفة لجان فرعية ولجان فرز ولجان عامة مشكلة من أعضاء السلك الديبلوماسي والقنصلي، إلا أن هذا الأمر كان له سند دستوري في إعلان آذار (مارس) الدستوري، وبما أن المادة 236 من الدستور نصت على أن تُلغى كل الإعلانات الدستورية، ومن ثم فإن السند الدستوري الذي كان يجيز إسناد عمليتي الاقتراع والفرز لغير أعضاء الهيئات القضائية تم إلغاؤه اعتباراً من تاريخ العمل بالدستور الجديد لذلك يغدو إشراف البعثات الديبلوماسية على انتخابات المصريين في الخارج مخالفاً للدستور». وفي ما يخص العزل السياسي لرموز الحزب الوطني المنحل، أشارت المحكمة إلى مخالفة نصوص القانون للدستور. وأوضحت أن «نص المادة 232 في الدستور ضم إلى الحالات التي سيطبق عليها العزل السياسي كل من كان عضواً في مجلس الشعب أو الشورى في الفصلين التشريعيين السابقين على قيام الثورة، بينما نص القانون على أن من كان عضواً في مجلس الشعب أو الشورى في أي من الفصلين التشريعيين السابقين على قيام الثورة، وهو ما يخالف حكم الدستور الذي اشترط أن يكون عضواً في الفصلين التشريعيين معاً».