كانت صدفة محضة قادت إلى اتفاق بين أبرز ملاكمين في تاريخ الوزن المتوسط الأميركي فلويد مايويذر والفيليبيني ماني باكياو، على إجراء لقاء في الثاني من مايو (آيار) المقبل، والذي لقب ب«سوبرفايت»، كونه سيكون الأثرى في عالم اللعبة لأنه سيُدر 250 مليون دولار. عندما فشل وكيل أعمال باكياو، مايكل كونيز، في إيجاد بطاقتين في طائرة على درجة الأعمال لماني وزوجته للسفر من ميامي إلى لوس آنجليس في نهاية الشهر الماضي، قرر الملاكم الفيليبيني قضاء ليلة إضافية في ميامي، قادته إلى حضور مباراة في كرة السلة في ملعب «ميامي هيت»، إذ تصادف وجود البطل الأميركي مايويذر، ما سمح إلى تبادلهما الحديث والاتفاق على أبرز لقاء في عالم الملاكمة في الأعوام الأخيرة، وتحديد لاس فيغاس مكاناً لموقعتهما المرتقبة، وتحديداً في حلبة «أم جي أم غراند غاردن» الشهيرة. لكن الاتفاق كان في مهب الريح لولا بقاء ماني وزوجته في المدينة، كون النقاشات السابقة بين مستشاري الطرفين فشلت في التوصل إلى اتفاق على المكان والمقابل المادي والموعد المحدد للقاء، في حين أن لقاء ماني وفلويد معاً وجهاً لوجه سمح بانجاز الاتفاق، حتى إن مدير أعمال باكياو تفاجأ من سرعة الاتفاق، وقال: «كنا نرى من لغة جسديهما عندما التقيا مدى الإيجابية في التعامل.. كان كل شيء هادئاً، ولم يكن هناك تشدد أو عصبية». وبعد هذه الجلسة أكمل مستشارو النجمين بقية المفاوضات عن طريق الإيميلات والمراسلات، أصبح الأمر واقعاً بعد ثلاثة أسابيع،على رغم التردد والرفض على مدى الأعوام الستة الأخيرة. وأكد مايويذر الذي يعتبر أفضل بطل في تاريخ الملاكمة، بحسب وزنه، يوم (الجمعة) الماضي جاء هذا الاتفاق بعد جهد مضن وطول انتظار. إذ منذ 2009 كانت الأنباء تارة تؤكد وتارة أخرى تنفي قيام هذه المباراة، في ذلك العام رفض النجم الفيليبيني الخضوع إلى اختبار المنشطات فألغيت فكرة المباراة. وفي 2012 عرض مايويذر 40 مليون دولار على باكياو للموافقة على لقائه، لكن شيئاً ما حدث وأفسد الاتفاق، لكن اليوم وبعد الاتفاق العلني فإن عالم الملاكمة سيشهد أهم مباراة ملاكمة في التاريخ، منذ اللقاء الشهير بين الأسطورتين محمد علي وجو فريزر في الوزن الثقيل في السبعينات، وأيضاً بين شوغار راي ليونارد ومارفن هاغلر في الثمانينات. واللقاء المرتقب قد لا يكون كلاسيكياً وعنيفاً، لكنه بكل تأكيد سيحطم كل الأرقام المالية القياسية في كل المستويات، إن كان على مستوى المداخيل من بطاقات حضور المباراة في أرض الحلبة، أو البيع المشفر للقنوات التلفزيونية حول العالم، أو البيع العالمي لكل ما يتعلق بالمباراة، خصوصاً أن هذا اللقاء سيكون الأول والأخير مهما حدث، كون الاتفاق يشمل على بند بعدم إقامة مباراة إعادة مهما حدث، على رغم أن القيمة المادية المرتبطة بمثل هذه المباريات هي التي تملك الكلمة الأخيرة في قرارات الإعادة، خصوصاً لو خسر مايويذر، إذ سيجد باكياو صعوبة في الرفض. لكن لو فاز الملاكم الأميركي الذي لم يهزم في أي لقاء في مسيرته، فإن انتصاراته ستصل إلى الرقم 48 من دون هزيمة، وسيبتعد فقط بفارق مباراة واحدة عن الرقم القياسي في عدد اللقاءات من دون هزيمة والبالغ 49 لقاء، الذي يحمله الأميركي روكي مارشيانو، وهو ما يعني استمرار مايويذر في الملاكمة كي يرسّخ فكرة أنه «الأفضل في التاريخ». وخلف الستار، فإن اللقاء المرتقب سيكون صراعاً بين شخصيتين وعقليتين رهيبتين، تتداخل فيهما الكرامة والغرور الذاتي، وقائمة طويلة من المهتمين من الشبكات التلفزيونية والرعاة. وكشف باكياو مدى الإجهاد والتوتر الذي صابه من هذا الاتفاق، كونه وقع عليه قبل أكثر من أسبوع، وانتظر نظيره الأميركي نحو سبعة أيام قبل التوقيع على العقد، فأعلن الفيليبيني ارتياحه بتصريحه: «الجماهير انتظرت طويلاً هذا الإعلان وهي تستحق أن تراه أمراً واقعاً». يذكر أن مايويذر فاز في كل اللقاءات ال47 التي خاضها في مسيرته، منها 26 لقاء بالضربة القاضية، في حين لعب منافسه باكياو 64 لقاء في مسيرته، وفاز في 57 لقاء، بينها 38 بالضربة القاضية، وخسر 5 لقاءات وتعادل في اثنين.