على بُعد أمتار معدودة منه سقط الشهيد المقدم سعيد العمري مضرجاً بدمائه، ليتسلم راية القيادة من بعده في المواجهة الأولى مع المتسللين المسلحين، قبل أن يصاب هو أيضاً برصاصة اخترقت كتفه. يروي النقيب وحيد حسن الشوير قصة الساعات الأخيرة من حياة الشهيد العمري ل"الحياة"، وهو يرقد على السرير الأبيض في المستشفى العسكري بتبوك، يقول: "بينما كنا نشتبك مع المسلحين في مواجهة ضارية، كان تبادل النيران كثيفاً، وفجأة أصابت رصاصة المقدم في مقتل، وسحبته إلى وراء إحدى السيارات". ويضيف: "تسلمت القيادة بعد إصابة الشهيد، وكانت النيران كثيفة، والمعركة حامية، وهو ما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص من الفرقة، أحدهم أنا، عندما اخترقت إحدى الرصاصات كتفي وخرجت من الجهة الأخرى". وأضاف الشوير وهو أحد أفراد "الكتيبة ال85" أن المصابين الأربعة استشهدوا إلى جانب المقدم العمري، وهم جندي أول الحسن الشامي، والعريف أسعد المالكي والنقيب تركي المقبل والملازم أول منير العنزي. وحذّر النقيب الشوير من الالتفات الى الإشاعات قدر الإمكان، والتثبت من المعلومة من مصدرها، في إشارة منه إلى أولئك الذين زعموا بعودة الشهيد من أرض المعركة، في حين أنه استشهد على أرضها. في السياق ذاته، استقبلت عائلة الشهيد سعيد بن محمد بن ظافر العمري العزاء في فقيدها، الذي استشهد الأسبوع الماضي إثر تسلل المسلحين للأراضي السعودية. وقال علي بن عيد العمري (وهو أخو زوجة الشهيد): "الشهيد كان عزيزاً على قلوبنا، وما جبر مصابنا هو خاتمته الحسنة، التي يتمناها كل المخلصين لهذا الدين والوطن، وهي الشهادة في سبيل الله". وذكر أن الشهيد أمّ زملاءه يوم الجمعة، وصلى بهم الظهر والعصر جمعاً وقصراً، قبل ساعات من استشهاده. وللشهيد ستة أبناء (ابن وخمس بنات)، تحدث أكبرهم وهو خالد ذو الأعوام ال16 ل"الحياة"، وتمنى أن يسير على ما سار عليه والده في خدمة الدين والوطن، وقال: "لا أزال في الصف الأول الثانوي، لكن طموحي أن أسير على الطريق ذاته الذي سار عليه والدي رحمه الله، وأن أكون امتداداً له، وأن أحوز الشهادة". من جهة أخرى، اعتبر شقيق الشهيد الرقيب صالح بن محمد العمري استشهاد أخيه فخراً لكل فرد من أفراد الوطن، وأكد أن جميع المخلصين لهذا الوطن مستعدون للمصير نفسه الذي تعرض له الشهيد، قبل أن تخنقه العبرة ويتوقف عن الحديث.