حال الانتشار الكبير لقوات الشرطة والأمن الجزائريين دون نجاح محاولات عدة لسياسيين معارضين تنظيم مسيرات أمس، وسط العاصمة التي أُغلقت مداخلها الرئيسية. واحتلت قوات الأمن الساحات التي كان يُفترض أن تكون نقاط تجمّع للمعارضين، في حين انتقدت الحكومة الجزائرية بشدة «محاولة جر الشارع إلى الفوضى». وكُلّفت أحزاب موالية للحكم بتنظيم احتفالات غير مسبوقة للتغطية على خطوات خصومها. وضيّقت قوى الأمن، مثلما كان متوقعاً، على مسيرات دعت المعارضة إليها منذ أسابيع. وتعمدت محاصرة مقر حركة النهضة، الذي اختير ليكون نقطة انطلاق معارضين في مسيرة رمزية في ذكرى تأميم قطاع المحروقات في الجزائر. ورفعت المعارضة شعاراً اقتصادياً رفضاً لاستغلال الغاز الصخري في البلاد، لكن أحزاب الموالاة اعتقدت أن أهدافها سياسية في شكل كبير، ما دفع بناشطيها إلى الدعوة لعدم المشاركة في هذه التحركات. وتوقفت الحركة تماماً في العاصمة الجزائرية، وكان واضحاً حجم زحمة السير على الطرق السريعة في ضواحي المدينة بعد أن أغلقت قوات الأمن مداخل الشوارع الرئيسية المؤدية إلى أكبر ساحتين في العاصمة وهما: البريد المركزي وساحة أول مايو. كما أوقفت قوات الأمن «الميترو» الذي يقل في العادة مسافرين نحو وسط العاصمة لمنع تدفق المحتجين. وانتشرت في وسط العاصمة أعداد كبيرة من رجال الشرطة بالزي الرسمي والمدني، فيما شهدت ساحة البريد المركزي، وهي المكان المحدد لإجراء الوقفة الاحتجاجية استعراضات فولكلورية للاحتفال بالذكرى ال44 لتأميم المحروقات، بدعوة من رئيس بلدية الجزائر الوسطى المنتمي إلى حزب موالٍ (الحركة الشعبية الجزائرية). وأقيم حفل في المكان بحضور والي العاصمة عبدالقادر زوخ. في المقابل، تمكن زعماء معارضون من التملّص من الطوق الأمني في العاصمة مع حلول منتصف النهار. وسار رئيس حزب «جيل جديد» سفيان جيلالي مع بعض أنصاره في منحدر شارع «ديدوش مراد» في قلب العاصمة. وحاولت مصالح الشرطة عرقلة طريقه واعتقلت بعضاً من أنصاره، في حين شوهد كل من رئيس «حركة مجتمع السلم» عبدالرزاق مقري، ورئيس «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» محسن بلعباس، محاصرَين في زاوية مغلقة في ساحة «أودان» حيث منعتهما قوات الأمن من التحرك. وكانت «هيئة المتابعة والمشاورة للمعارضة» وهي تحالف لأحزاب وشخصيات سياسية دعا منذ أسابيع لاستغلال ذكرى تأميم المحروقات (24 شباط/فبراير 1971) لتنظيم وقفة تضامنية في كل أنحاء البلاد تحت شعار «لا لاستغلال الغاز الصخري» و»من أجل السيادة الوطنية». ونشر رئيس «حركة مجتمع السلم» عبدالرزاق مقري أحد أهم أقطاب التحالف على صفحته على موقع «فايسبوك» تعليقاً على إمكانية منع التظاهرة. من جهة أخرى، كان المشهد مغايراً في كبرى مدن الجنوب، حيث خرج الآلاف في عين صالح وورقلة ومئات في تمنراست وأدرار. واستغلت الحكومة المناسبة ووجّه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة خطاباً من وهران (400 كيلومتر غرب العاصمة) تلاه نيابة عنه مستشاره علي بوغازي بحضور رئيس الوزراء عبدالمالك سلال، قال فيه إن «الجزائر تواجه تحديات أمنية كبيرة على حدودها»، موضحاً أن الجيش مصمم على «دحر ووقف أي تهديد قد يمس التراب الوطني». وتطرق إلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تهدد البلاد فاعتبر أن «سياسة التقشف وحدها لا تكفي للخروج من الأزمات». كما شدد على أن الجزائر لن تتراجع عن سياستها الاجتماعية، مؤكداً مواصلة كل المشاريع السكنية وسياسة التشغيل «كأولوية حتمية» لتنفيذ الإصلاحات السياسية. واتهم سلال المعارضة «بمحاولة جر الشارع إلى الفوضى»، وذلك في تعليقه للصحافيين على محاولة تنظيم مسيرات في المدن الكبرى. على صعيد آخر، قُتل 5 أشخاص على الاقل وأُصيب 8 في انهيار صخري عند مدخل نفق أوقاس في بجاية شرق الجزائر.وقال الناطق باسم «الحماية المدنية» العقيد فاروق عاشور: «انهارت صخور على حافلة لنقل المسافرين وسيارة خاصة، ما تسبب بمقتل 5 أشخاص وجرح 8». وأضاف أن «هذه الحصيلة موقتة».