لا يزال مشهَد الرقيب أوّل بيار جعجع المخطوف من قبل «جبهة النصرة» يشغل بال شقيقته منى التي زارته اول من أمس برفقة زوجته نزهة في جرود عرسال-القلمون. أوصل ابن عم جعجع، منى ونزهة إلى منزل الشيخ مصطفى الحجيري في عرسال في الواحدة والربع ظهراً وانتظرهما 6 ساعات إلا 25 دقيقة عند أحد أصدقاء جعجع في المؤسسة العسكرية في البلدة. من هناك رافق الحجيري المرأتين إلى الجرود إلا أنهم واجهوا «عرقلة» وصعوبة في تخطّي أحد حواجز مخابرات الجيش اللبناني التي تفصل الجرود عن عرسال بسبب ملاحقة قضائية بحق الحجيري، لكن سرعان ما نجحت الاتصالات مع وزير الصحة وائل أبو فاعور في تأمين دخولهم الى الجرود حيث رافقتهم سيارة أخرى رباعية الدفع في سلوكهم الطريق الوعرة إلى مغارة بعيدة مروراً بمنطقة الملاهي في وادي حميد حيث سلّموا أجهزتهم الخليوية إلى مسلّح كان في مركز ل «جبهة النصرة». وصل الحجيري بسيارته إلى إحدى المغاور البعيدة التي كان تبدّى لمنى ان شقيقها ربما يكون في داخلها. المغارة ذات بابين من خشب ومقطعة غرفاً بالباطون. دخلت المرأتان من الباب اليمين برفقة مسلّحين إلى آخر غرفة في المغارة وانتظرتا حوالى دقيقتين إلى أن دخل بيار وعانقهما معاً وبكى كثيراً سائلاً: «لماذا لم تأتوا بضو عيوني معكم (ولداه). ثم دخل أمير «جبهة النصرة» في القلمون أبو مالك التلّي الذي عرف عن نفسه وجلس معهم قرابة ربع ساعة ووقف شخصان على الباب أحدهما حارس كان مقنّعاً ومسلَّحاً يلبس بزّة عسكرية باللون العاجي مرقطة بالأبيض والثاني كان شيخاً. تصف منى التي عادت مرتاحة من رحلتها، أبو مالك بأنه ممتلئ الجسم، ذو نظرة حادة، صاحب شخصية قويّة، كان يرتدي عباءة سوداء وفوقها سترة سوداء ويضع قبّعة وتكلّم باللهجة السورية. وتنقل وقائع الحوار معه، اذ قال: «الشباب بصحّة جيّدة، سألت بيار إذا كان يريد أن يحلق ذقنه قبل لقائكم فأجابني أنا عايش معكن هيك بدي ضل هيك». التلي: مطالبنا مع الدولة وأضاف: «ها هو بيار بصحة سليمة. لا نستقوي على الشباب فهم ضعفاء بل نستقوي على الذين يستقوون علينا والأقوياء في وجهنا. أما عن المفاوضات التي تتكلم دولتكم عنها فهي متوقّفة والدولة لا تفاوض بشيء، مطالبنا عند الدولة وليس هناك من جواب». وتابع حديثه: «ليس لدينا مشكلة طائفية. بل تكمن أساساً بتدخّل عناصر «حزب الله» في سورية الذين قتلوا واغتصبوا وشرّدوا أطفال سورية ومن حقِّنا أن ندافع عنهم. بدنا من الدولة ما تخلّي الجيش اللبناني يساند حزب الله». وزاد: «رسالتنا هي نشر الدين الإسلامي، من أراد أن يهتدي فليهتدِ نحن لا نجبر من لا يرغب. يمكن بيار يصلي في وجهي على ديني ولكن في قلبه على دينه... لا أدري»، موافقاً على ما قالته له منى «نحن إخوة بالإنسانية لا بالطائفية». وسأل: «أين الأولاد لماذا لم يأتوا معكم (كانت جبهة النصرة سمحت لأي كان بالمجيء)» فكان جواب زوجته نزهة: «نخاف أن يتعلقوا بوالدهم ويرغبوا في البقاء عنده». وأجابها أبو مالك: «يا أهلا وسهلا كنت بت مع أولادك عندنا وعدت أدراجك غداً ما في مشكلة ومستعد تحديد زيارة ثانية للأولاد». وعند خروج أبو مالك التلي من الغرفة، انتظر الشخصان على الباب لبعض الوقت وغادرا بعدما سألت نزهة زوجها عن مفتاح سيارة ال «فولفو» فأجابها أنه في غرفة الأمانات. وردّ المسلّح: «سنبحث عنه في مكان غرفة الأمانات الني قصفت...سنترككم 10 دقائق بمفردكم». وعندما طلب بيار صوراً لاولاده سمح له بمشاهدتها على هاتف زوجته بعد اعادته اليها، لكن ليسمح لها بالتقاط صور لزوجها. ودامت الزيارة 80 دقيقة بعدما كانت مقررة لمدة ربع ساعة. وقال جعجع الذي كان يرتدي زي «النصرة» مبتسماً: «برهان على أننا نأكل جيداً، قمنا بخبز العجين اليوم بمفردنا. سليمان الديراني عامل شيخ علينا»، لافتاً إلى أن «كل العسكريين بخير حتى أنه قبل أن ينتهي دواء عباس مشيك المريض بالكبد، يجلبون له الدواء من سورية».