أفاد تقرير عن إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أصدره البنك الدولي بعنوان: «من الامتيازات إلى المنافسة: فك قيود النمو الذي يقوده القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، بأن القطاع الخاص العربي لم يصل إلى المستوى الذي يمكّنه من تأمين فرص عمل بأعداد كافية، ويتابع معدلات نمو أعلى في المنطقة. ووفقاً للتقرير، الذي أذاعته نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شامشاد أختار من مكتب البنك في القاهرة، فإن تعزيز دور القطاع الخاص في المنطقة التي تحتاج إلى تأمين 40 مليون فرصة عمل جديدة في السنوات العشر المقبلة، يتطلب أن تحد بلدان المنطقة من السلطات والصلاحيات في بيئة الأعمال التجارية، ما يشجع رواد الأعمال على الاستثمار. واقترح التقرير تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص أمام مؤسسات الأعمال، وما يتطلب الشفافية وتقوية المؤسسات والهيئات المعنية بتطبيق القوانين والإجراءات الحكومية. وأتاحت الإصلاحات التي طبقت خلال العقدين الأخيرين لمؤسسات الأعمال الخاصة، أن تصبح المصدر الرئيس للدخل في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باستثناء قطاعي الهيدروكربونات والتعدين. إلا أن القطاع الخاص ما يزال غير قادر على تحويل بلدان المنطقة إلى اقتصادات تتمتع بالتنوع والحيوية وتحقق معدلات عالية من النمو الاقتصادي المستدام. وقياساً إلى استثمارات القطاع الخاص، فإنها لا تتجاوز 15 في المئة من الناتج المحلي، ولا تزال المنطقة متأخرة عن مناطق أكثر نشاطاً وديناميكية. وشهدت بلدان المنطقة زيادة في تنوع صادراتها في الفترة الأخيرة. إلا أن البلدان ذات الأداء الأفضل تصدّر نحو 1500 سلعة، يعاني معظمها من تدني المحتوى التقني، في حين تصدر بلدان مثل بولندا أو ماليزيا أو تركيا أكثر من أربعة آلاف سلعة. وعلى رغم تسارع وتيرة إصلاحات مناخ الاستثمار في بلدان المنطقة، فإن القضية لا تنحصر فقط في نطاق الإصلاحات، ولكن في كيفية تنفيذها. ووفقاً للتقديرات التي أوردها التقرير، شهدت استثمارات القطاع الخاص، في إطار الاستجابة للإصلاحات السابقة، زيادة متواضعة نسبتها نقطتان مئويتان من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بنسبة 5 إلى10 نقاط مئوية في مناطق آسيا وأوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية. ويرجع السبب في الأثر المحدود للإصلاحات، إلى تطبيق السياسات على نحو متفاوت، ما أدى إلى افتقار عملية الإصلاح إلى الصدقية. وتوضح استقصاءات البنك الدولي في المنطقة أن نحو 60 في المئة من مديري مؤسسات الأعمال يرون أن القوانين والإجراءات الحكومية لا تطبق في المنطقة بصورة منتظمة يمكن التنبؤ بها. وتبين أن غموض السياسات والمنافسة غير العادلة والفساد تشكل مخاوف رئيسة تؤرق المستثمرين. الافتقار الى تكافؤ الفرص ولحظ التقرير افتقار بيئة الأعمال التجارية إلى تكافؤ الفرص، فثمة تباطؤ في دخول أجيال جديدة من أصحاب مؤسسات أعمال وروادها إلى الأسواق والمنافسة مع الشركات القائمة. ويقدر التقرير أن عدد الشركات المسجلة لكل ألف شخص يقل عن ثلث مثيله في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى. ونظراً إلى انخفاض دخول الشركات إلى الأسواق وخروجها منها، يزيد متوسط عمر الشركة بواقع 10 أعوام على نظيره في منطقتي شرق آسيا وأوروبا الشرقية. ووفقاً للتقرير، يتطلب إطلاق العنان لإمكانات تنظيم المشاريع في المنطقة والانتقال من الامتيازات العميقة الجذور، ترسيخ تكافؤ الفرص في التعامل مع المستثمرين. وقالت شامشاد أختار: «إن المنطقة غنية برأس مالها البشري الهائل وطاقات الإبداع والابتكار والموارد، وتمتلك إمكانات كبيرة لتحقيق النمو. لكن إطلاق الإمكانات والطاقات يتطلب التزاماً صادقاً بالحد من السلطات والصلاحيات التقديرية، وضمان المساواة في تطبيق القوانين والإجراءات الحكومية، حتى يتسنى لمزيد من أصحاب مؤسسات الأعمال وروادها، الاستثمار وتأمين فرص عمل جديدة». ثلاث ركائز للاصلاح ويدعو التقرير إلى اعتماد استراتيجية ذات ثلاث ركائز من أجل بناء أسس أكثر قوة وصلابة لتحقيق النمو الأطول أمداً، فتعمل الحكومات على إزالة المعوقات الرسمية وغير الرسمية التي تعترض تحقيق المنافسة. وأن تساند إصلاح السياسات بتدعيم المؤسسات التي تنظم عمل الأسواق وتتعامل مع الشركات للحد من التداخل مع السلطات في تطبيق القوانين والإجراءات الحكومية. وأضافت شامشاد: «لإدخال تحسينات حقيقية على بيئة الأعمال التجارية في المنطقة، يجب اعتبار الشفافية والمساءلة وجودة نوعية الخدمات في الهيئات والمصالح الحكومية، محوراً أساسياً في جوهر أجندة الإصلاح». وتعتمد الركيزة الثالثة على تشجيع إقامة شراكة جديدة بين القطاعين العام والخاص، وتأمين حوار أكثر انفتاحاً بين الحكومات والقطاع الخاص ما يساعد في تحقيق الحماية ضد تغليب المصالح الضيقة على المصلحة العامة. وتستطرد نائبة رئيس البنك الدولي: «تقع على عاتق القطاع الخاص أيضاً مسؤولية في تنفيذ هذه الأجندة». لكن كثيراً ما يكون صوت القطاع الخاص تحت هيمنة أطراف تؤيد الإبقاء على الوضع الراهن حتى يتسنى لها الحفاظ على امتيازاتها. ونتيجة لذلك، تعاني المنطقة بالفعل من بطء دخول جيل جديد من أصحاب مؤسسات الأعمال ورواد المشاريع. وستكون قدرتهم على التأثير على اتجاه الإصلاحات في المستقبل بالغة الأهمية».