قديماً، كان يُقال إن «البحر يحفظ الأسرار»، وذلك حين الذهاب إليه والحديث معه ورمي الهموم فيه، لكن زرقة مياه الخليج العربي لم تعد تستقبل الهمسات والأسرار، بل أصبحت تستقبل الملوّثات بأشكالها وأنواعها كافة، وتبدّلت زرقته بألوان عدّة، حتى بدأ يلفظ ما في جوفه، مطالباً بالاكتفاء من هدمه، وإقصاء بيئته. وشاركت في ذلك التشويه جهات عدّة، فهناك من يسمح بالردم وتوسعة الشواطئ، حتى يقضي على فئات كبيرة من الأسماك الصغيرة، بينما لا يزال الوضع يشوبه الغموض في الموانئ التي تستقبل وتودّع السفن بإفراغ كميّات من الزيوت، أما الجهات الحكومية المجهولة لم تتوقف عن سكب المواد الكيماوية في المصارف الصحية، ما يتسبب في مشكلة من أخطر المشكلات التي تواجه البشرية على مدى أعوام طوال، لما ينجم عنه من آثار صحية وبيئية، وجميع ذلك في ظلّ غياب الرقابة وفرض العقوبة الصارمة. في الوقت ذاته، أكد باحثون مختصون في مجال البيئة ضرورة إيجاد قوانين صارمة في منظومة مجلس التعاون الخليجي تمنع المخالفات البيئية، مع ضرورة إيجاد مراكز بحثية مشتركة بينها، مشيرين إلى افتقار المملكة للعديد من الآليات في تنفيذ القرارات الإجرائية. كل هذا بحسب خبراء ليس سوى دلائل ومؤشرات على اختلال في التوازن البيئي، سببه عمليات الردم الجائر بشكل رئيس، وهو ما قد يتسبب مستقبلاً في كوارث غير متوقعة، إذا استمرت عمليات ردم البحر.