في خضم المعارك الدائرة حالياً بين القوات السعودية والمسلحين على الشريط الحدودي الجنوبي، ووسط أصوات المدفعية الحرة، وتحليق الطائرات ذهاباً وإياباً، يبدأ المتابعون لهذه الحرب الذين لا يعرفون الكثيرعن تاريخ المسلحين فى اليمن، تتبع المعلومات عن هذا التنظيم، ما هو؟ ومم تنحدر أصوله القبلية والعقائدية؟ وكيف أسس له فكراً ومذهباً وعقيدة؟ وبحسب تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأميركية أخيراً، حمل عنوان «الحرية الدينية في العالم»، فإن «المسلحين» يمثلون أقلية «الشيعة» داخل اليمن، ولا تزيد نسبتهم على 30 في المئة من إجمالي سكان اليمن، الذين يبلغ عددهم 20 مليوناً تقريباً، على رغم أن مصادر أخرى قدرت نسبتهم بنحو 2 في المئة من إجمالي السكان. وأوردت بعض التقارير الحديثة، التي تدرس أصول «الحوثية»، أن نسبهم يعود لزعيم التمرد الأول حسين بدر الدين الحوثي، «الشخصية التي أشعلت فتيل الصراع بين أنصاره والقوات الحكومية اليمنية»، علماً بأن الحوثية هي تنظيم عقائدي سياسي، يسعى لإحياء الإمامة من جديد، وهو منشق أساساً عن المذهب الزيدي. وبحسب الموسوعة البريطانية لعام 2004، يتركز الزيود أو الزيديون في مناطق شمال البلاد، مثل صنعاء وصعدة وحجة وذمار، أما الإسماعليون والذين يعرفون ب«المكارمة»، فيسكنون مناطق في شمال اليمن مثل حراز، وفي غرب مدينة صنعاء مثل مناخة. ويؤكد التقرير الأميركي، أن جذور حركة الحوثي تعود إلى الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، وبدأ أول تحرك مثمر ومدروس في عام 1982 علي يد العلامة صلاح أحمد فليتة، الذي أنشأ عام 1986 اتحاد الشباب، وكانت ضمن ما يتم درسه مادة عن الثورة الإيرانية ومبادئها، يدرسها محمد بدر الدين الحوثي. وفي عام 1988، تجدد النشاط بواسطة بعض الرموز الملكية، التي نزحت إلى السعودية عقب ثورة 1962 وعادوا بعد ذلك، وكان أبرزهم العلامة مجد الدين المؤيدي والعلامة بدر الدين الحوثي. وأشار التقرير إلى أن نشوء الجمهورية اليمنية في 22 أيار (مايو) 1990 حوّل هذه الأنشطة إلى مشروع سياسي، تساوقاً مع المناخ السياسي الجديد الذي أقر التعددية، وتمخض عن 60 حزباً في اليمن، تمثل جميع التوجهات القومية واليسارية والإسلامية والليبرالية، فيما تمثّلت الأحزاب الشيعية في حزب الثورة الإسلامية، وحزب الله، وحزب الحق، واتحاد القوى الشعبية اليمنية. وتوارى الحزبان الأولان (حزب الثورة وحزب الله)، فيما بقي في الساحة حزب الحق واتحاد القوى الشعبية. ورصد التقرير مطلع التسعينات الميلادية، أكبر مهرجان لحزب الحق نظم في منطقة الحمزات تحت مسمى «مخيم الفتح» واستمر أسبوعاً، وظهرت على هامشه خلافات حادة بين حسين بدر الدين الحوثي وحسين الحوثي حسين. وأبدى حسين بدر الدين الحوثي، اهتماماً كبيراً بتنظيم الشباب، وتفرغ له عازفاً عن الترشح في مجلس النواب، تاركاً المقعد الذي كان يشغله لأخيه يحيي بدر الدين الحوثي. ولفت التقرير إلى أن تنظيم «الشباب المؤمن» هو التنظيم الذي علق حسين بدر الدين، الكثير من آماله وطموحاته عليه، وسعى لتوفير دعم كبير وهائل له، سواء عن طريق الدعم الإيراني غير الواضح، أو الدعم الذي كان يأتي من قصر الرئاسة في حينها. وألمح التقرير إلى أن حسين الحوثي أخذ في بناء قاعدة قوية لتأييده، خصوصاً في مديرية حيدان، من دون الحصول على ترخيص قانوني، أطلق عليها اسم «الحوزة»، وهي المدرسة التي أطلق منها لتغذية الطلاب للأفكار الإيرانية، والحقد الصفوي على أهل السنة. وزاد التقرير أنه يجب الأخذ في الاعتبار عند درس وضع المسلحين، أن الزعيم حسين الحوثي كان عضواً في البرلمان اليمني في الفترة ما بين 1993 وعام 1997، وممثلاً للمؤتمر الشعبي العام «الحزب الحاكم»، ما يؤكد أن التنظيم يملك خلفية سياسيةً ليست بسيطة ساعدته في كسب بعض الأجندات المهمة في الثورة الحوثية التي بدأت ولا يعلم أحد متى ستنتهي.