في محاولة لإنقاذ صفقة نووية متعثرة مع إيران، أبلغت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما القادة الإيرانيين في رسائل عبر قنوات خلفية، باستعدادها السماح لطهران بإرسال مخزونها من اليورانيوم المخصب الى دول عدة بينها تركيا، لضمان سلامته موقتاً. وقال مسؤولون في الإدارة وديبلوماسيون شاركوا في هذه المبادلات، إن إيران تجاهلت هذا الاقتراح الذي تمّ في الأسبوعين الأخيرين عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبدل ذلك، جدد الإيرانيون اقتراحاً مضاداً قديماً ينص على إشراف مفتشي الأسلحة الدوليين على غالبية الوقود النووي الإيراني، شرط الإبقاء عليه في جزيرة كيش في الخليج والتي تشكل جزءاً من إيران. وقال مسؤول بارز في إدارة أوباما إن الاقتراح رُفض، لأن إبقاء المواد النووية على الأراضي الإيرانية يتيح لطهران إمكان إبعاد المفتشين في أي وقت. وهذا الأمر حدث في كوريا الشمالية عام 2003، والتي نجحت خلال شهور في تحويل الوقود الى مادة تنتج أسلحة نووية عدة. والوسيط في هذه المبادلات بين واشنطن وطهران هو المدير العام للوكالة الذرية محمد البرادعي الذي أكد عدداً من هذه الاقتراحات، بما في ذلك اقتراح إرسال الوقود الى تركيا التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران، في مقابلات بنيويورك الأسبوع الماضي.لكن أعضاء في إدارة أوباما قالوا انهم فقدوا الأمل تقريباً في تطبيق إيران اتفاقاً أُقرّ في جنيف في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لإرسال وقودها الى الخارج موقتاً، وكسب بعض الوقت للمفاوضات حول برنامجها النووي. وقال مسؤول بارز في الإدارة: «إذا استمعتم الى ما قاله الإيرانيون علناً وسراً الأسبوع الماضي، من الواضح أنهم غير قادرين ببساطة على الالتزام بالصفقة». وأبلغ مسؤولون إيرانيون الوكالة الذرية في 29 تشرين الأول الماضي، أنهم غير قادرين على إقرار الصفقة التي توصل إليها مفاوضيهم، لكنهم لم يفسّروا سبب ذلك. وأصرّ البرادعي على أن الأمل لا يزال قائماً، مقراً بتضاؤل الفرص. وقال الأسبوع الماضي: «قلت للقيادة الإيرانية، سراً وعلناً: استفيدي من هذه الفرصة». لكنه يقول انه يبدو الآن أن «جهاز السياسة الخارجية في إيران جُمّد»، جزئياً بسبب الاضطرابات الداخلية في البلد. يشير مساعدون لأوباما الى انه لا يزال مستعداً للانتظار حتى نهاية هذا العام، قبل الاستنتاج بأن إيران ترفض عروضه للانخراط الديبلوماسي. وما سيحدث بعد ذلك ليس واضحاً: أوباما لفت الى انه سينتقل إلى فرض عقوبات أكثر صرامة من تلك التي فرضتها الأممالمتحدة على إيران، على رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت روسيا والصين ستدعمان ذلك. ويقول مسؤولون في الإدارة انهم يعملون في شكل وثيق مع روسيا في كل خطوة، وسُرّوا بأن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف جدد التلويح الأسبوع الماضي باحتمال فرض عقوبات اقتصادية على إيران، إذا رفضت العرض. وقال مسؤول في الإدارة ان «الجهود الروسية قد تدفع إيران الى قبول» العرض، مضيفاً: «لا يزال هناك وقت لإيران، لاتخاذ الخيار الصائب» قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذرية في الشهر الجاري. لكن قلة من المسؤولين الأميركيين أو الأوروبيين يعتقدون بأن الإيرانيين سيوافقون على إرسال الوقود النووي الى روسيا أو تركيا أو أي دولة أخرى. ويرجّح مسؤولون أن يكون الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي كان أول من اقترح استعداد بلده لإخراج مخزونه من اليورانيوم موقتاً، لم يتوقع أبداً التفكير جدياً بهذا الاقتراح. وتكهن مسؤولون بأن سلطات إيرانية أخرى قد تكون رفضت عرض نجاد الذي تعرض لانتقادات وجهها إصلاحيون ومتشددون على حد سواء.