اعتبر مجلس الشورى السعودي الأبرز في استقطاب وتصدير الكفاءات البشرية، إذ خسر المجلس خلال العام الماضي ستة أعضاء منهم من حظي بمنصب وزير، ومنهم من لقي ربه، قبل أن يُعيّن أمس (السبت) سبعة أعضاء منهم ثلاثة وزراء سابقين. وبذلك تزيد التعيينات الجديدة عدد الأعضاء إلى 151 عضواً، وهو أعلى من العدد الرسمي بعضو واحد – طبقاً لإجابات المجلس في أسئلته الشائعة في موقعه الإلكتروني. بدأ النصاب الرسمي للأعضاء ال150 يقل منذ حزيران (يونيو) الماضي، عند تعيين العضو محمد أبوساق وزيراً للدولة لشؤون مجلس الشورى، إذ لم تمض ثلاثة أشهر حتى وافت المنية العضو علي الثويني، وقبل أن تنتهي الفترة الشتوية غادر العضو سعد مارق مطلع تشرين الأول (أكتوبر)، إلى وظيفته الجديدة كمستشار لوزير التربية والتعليم. استمرّ المجلس يمارس مهماته على رغم النقص العددي، حتى اختطف منصب الوزير العضوين فهاد الحمد، وسليمان الحميد، في آخر تغير وزاري تم في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز قبل أن يتوفى ب43 يوماً، وفي نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، كان الدكتور خالد المحيسن آخر الأسماء التي تترك عضوية المجلس من أجل منصب آخر، تولّى فيه دفة هيئة مكافحة الفساد. تعيين الأعضاء يتم بحسب اختيار الملك من أهل العلم والخبرة والاختصاص، ومثل ما تنوّعت خبرات الراحلين بين حقول القانون والقطاع الأمني والتعليمي، كانت الأسماء المستقطبة للعمل البرلماني تمتاز بذات الخبرات، أبرزهم الدكتوران خالد السبتي، ومحمد آل هيازع. وعلى رغم قصر مدة تولي السبتي وآل هيازع لمنصبي وزير، في كل من وزارة التعليم العالي – قبل الدمج - والصحة، إلا أنهما يملكان خبرة طويلة في إدارة التعليم، إذ كان السبتي نائباً لوزير التربية والتعليم، في حين عُرف آل هيازع بإنجازاته الملموسة في إدارة جامعة جازان، كما انضم إلى فريق الشوريين وزير الزراعة السابق وليد الخريجي، الذي تولّى إدارة مؤسسة الصوامع منذ عام 2009، قبل أن يُعيّن وزيراً في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ويقال في نهاية كانون الثاني (يناير). ومن المفارقات في التعيينات الجديدة استقطاب المهندس عباس هادي عضواً بعد أقل من شهر من حضوره للمجلس بصفته نائباً لوزير الإسكان، ووقف آنذاك بجانب الوزير مدافعاً عن الوزارة أمام سيل الانتقادات الموجهة للوزارة. فيما تتنوع خبرات بقية الأعضاء الجدد في مناصب أخرى لمفاصل الدولة، إذ كان محمد الصقر مستشاراً للأمانة العامة لمجلس الوزراء، فيما تولّى محمد سعد الحريقي إدارة جامعة الباحة قبل انتقاله للمجلس، أما ناصر الداوود فكان مستشاراً خاصاً في إمارة منطقة الرياض. أحدث الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز تغييرات جذرية في تشكيلة مجلس الشورى في دورته الحالية، إذ أحدث تعيين 30 امرأة في المجلس نقلة نوعية، اختلف بعدها التعاطي الإعلامي والمجتمعي مع ما يطرح تحت القبة من نقاش، وما هو الدور الذي يمثله الأعضاء نيابة عن الشعب في العمل التشريعي. أضحى مجلس الشورى مؤسسة مؤثرة على رغم أن بعض تجاربه البرلمانية تعاني من محدودية في أداء وظائف التشريع والمراقبة، بسبب مواد نظامه التي تحدد صلاحياته في أن يبدي رأيه فقط في السياسيات العامة للدولة، التي تحال إليه من رئيس مجلس الوزراء وعلى وجه الخصوص: مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وإبداء الرأي نحوها، ودرس الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقات الدولية والامتيازات واقتراح ما يراه بشأنها، وتفسير الأنظمة، أو مناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، واقتراح ما يراه حيالها. يذكر أن مجلس الشورى منح صلاحية برلمانية في عام 1424، عرفت بالمادة 23، غيرت بشكل كبير طريقة العمل تحت القبة، إذ أن المادة 23 تمكن مجموعة من الأعضاء التقدم باقتراح لنظام جديد أو تعديل نظام قائم، بيد أن هذا المقترح لا يعد نافذاً قبل أن يقرّه مجلس الوزراء.