تمكن باحث سعودي بمشاركة فريق بحثي من جامعة برمنجهام في بريطانيا من تطوير منظومة ذكية في تصميم نظام السلامة للسيارات، إضافة إلى اكتشاف نظرية جديدة تقوّم شدة إصابات الرأس والعمود الفقري خلال الحوادث المرورية. وأوضح نايف بن خلف الشمري، الحاصل على درجة الدكتوراه من قسم الهندسة الميكانيكية في جامعة برمنجهام في المملكة المتحدة، أنه تمكن من ابتكار جديد يتمثل في تطوير منظومة ذكية في تصميم نظام السلامة في المركبة، يرتبط بحركة المقعد ومسند الرأس، إضافة إلى تشغيل حزام الأمان والوسادة الهوائية، كما يتحكم في حركة الرأس والعنق في شكل تفاعلي مع سرعة السيارة لحظة وقوع الحوادث. وأشار الشمري ل«الحياة» إلى أن الإنجاز الثاني يتمثل في اكتشاف نظرية جديدة وظيفتها تقويم شدة إصابات الرأس والعمود الفقري الرضّية عند تسارع الجسم في شكل كبير نتيجة تصادم المركبات. وأكد أن هذه الاكتشافات ستسهم بشكل كبير في تطوير وسائل السلامة في المركبة و المواصفات القياسية المستخدمة في صناعة السيارت في العالم، وكذلك وقاية الركاب والسائقين من احتمال الإصابة في الحبل الشوكي، وما يترتب عليها من إعاقات ويقلل من كسور العمود الفقري وخطورتها. وفي ما يتعلق بالعروض التي تلقاها لتسويق ابتكاره، ذكر الشمري أنه تلقى عدداً من العروض من شركات صناعة السيارات ومراكز تطوير تصاميم أنظمة السيارات المتقدمة في العالم، مثل شركة فولفو السويدية، فورد الأميركية، منظمةTNO للأبحاث العلمية في هولندا، مركز AiTS للأبحاث الصناعية في بريطانيا، مؤكداً أنه فضّل أن تتولى شركة Altainnovations المحدودة لنقل التكنولوجيا وتسويق الاكتشافات في القرية البحثية لجامعة برمنجهام هذا الموضوع. ولفت إلى أن البروفيسور كلايف ستيرجس المشرف الرئيسي على البرنامج ورئيس قسم الهندسة الميكانيكية والصناعية في جامعة برمنجهام ورئيس الجمعية الملكية للمهندسين الميكانيكيين في المملكة المتحدة، أبدى سعادته بالنتائج التي توصلت إليها الدراسة، مؤكداً أن ستيرجس بدأ أبحاثاً نظرية في هذا المجال منذ عشر سنوات حتى تمكن من إثبات صحة هذه النظرية في منطقة الرأس والعمود الفقري. وأوضح أن العمل في هذا المشروع تطلب تطوير 6 برامج معقدة بالحاسب الآلي لأنمذجة الأجزاء الرئيسية في جسم السائق وتمثيل الحركة أثناء الاصطدام من الناحية الديناميكية لمحاكاة الحوادث الأمامية والخلفية والجانبية، إضافة إلى دهس المشاة والإبل السائبة عند سرعات مختلفة، مشابهة تماماً للحوادث الميدانية، مؤكداً أنه تم دراسة توزيع الإصابات عند كل فقرة على مستوى العمود الفقري، إذ كانت النتائج الحاسوبية متطابقة مع التجارب المعملية على المتطوعين. وأضاف، أن النتائج أظهرت تفاوتاً في كينماتيكية حركة جسم الراكب لحظة الحادث في حال استخدام حزام الأمان من عدمه. ويؤكد الشمري أن هذا الاكتشاف يأتي في إطار التعاون البحثي المشترك بين مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية وجامعة برمنجهام، إذ ورد في التقرير الذي أعده مركز CCIS في جامعة برمنجهام أن مجموعة من الخبراء في تخصصات الهندسة الطبية والحيوية والتصميم وسلامة المركبات من بينهم باحث سعودي توصلوا إلى نظرية جديدة لتقويم إصابات الرأس والعمود الفقري الرضية عند تسارع الجسم بشكل كبير نتيجة تصادم المركبات. وتوقعت الدراسة التي تعدّ الأحدث من نوعها على مستوى العالم في مجال سلامة المركبات، أن يسهم الاكتشاف في تفادي إصابات الرأس والعنق، لاسيما مع الثورة التكنولوجية التي تشهدها الأنظمة الذكية والنانو اليوم، إضافة إلى تنوع تطبيقاتها في صناعة السيارات ووحدات التحكم والاتزان والكاميرات الرقمية ومسجلات الأحداث الدقيقة (EDRS) على غرار الصندوق الأسود في الطائرات. وبحسب الشمري سيكون للاكتشاف دور فعال في تحسين وسائل السلامة النشطة والكامنة، كما سيعمل على توفير بيئة تشغيلية آمنة لمستخدمي المركبات، إضافة إلى فتح آفاق جديدة أمام مصنعي السيارات لإعادة صياغة المواصفات والمقاييس العالمية لكي تضمن سلامة السائقين خلال الحوادث المرورية. وأرجع الباحث السعودي الفضل في اكتشافه إلى زملائه في مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية وعلى رأسهم الأمين العام للمؤسسة الأمير فيصل بن سلطان بن عبدالعزيز، على دعمه المتواصل وتشجيعه المستمر لمسيرته العلمية. وكانت جامعة برمنجهام أعلنت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي أنه بات من الوشيك حل مشكلة إصابات العمود الفقري أثناء الحوادث المرورية بعد أن توصل فريق البحث العلمي في مركز CCIS في الجامعة والذي تشرف عليه مجموعة من شركات صناعة السيارات الكبرى في العالم من بينها تويوتا، نيسان، جنرال موتورز، فورد، وفولفو، إضافة إلى خمس شركات أخرى بالتنسيق مع وزارة النقل البريطانية، إلى اكتشاف جديد يعتبر نقلة نوعية في تاريخ صناعة السيارات في العالم، سيوفر بيئة جديدة لتصميم وسائل سلامة آمنة في المركبات مستقبلاً تسهم في شكل كبير في الوقاية من إصابات العنق والحبل الشوكي، وما يترتب عليها من إعاقات مستديمة ووفيات ويقطع الجدل الدائر منذ نحو 35 عاماً بين خبراء المركبات حول جدوى النظريات الحالية المتعلقة بإصابات العنق والرأس. يذكر أن الدكتور نايف الشمري حاصل على جائزة أفضل بحث علمي على مستوى جامعات الخليج عام 2000، وجائزة الإبداع العلمي عام 2007 في المملكة المتحدة، كما أن له عدداً من البحوث المحكمة.