اذا كان من عنوان يُطلق على المتاعب القضائية التي يواجهها الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان، الذي كاد أن يكون مرشح الحزب الاشتراكي لانتخابات الرئاسة الفرنسية عام 2012 فهو «لعنة الفنادق». في عام 2011 فقد ستروس كان سمعته في فندق «سوفيتيل» نيويورك بعدما ادعت عليه عاملة الفندق نافيساتو ديالو بتهمة التحرش وتناقلت وسائل الاعلام الدولية صوره مكبلاً اثناء اقتياده الى سجن رايكرز الاميركي. وفي هذا الفندق خسر ستروس كان الاقتصادي المخضرم المعروف بميله المفرط الى النساء، منصبه الدولي وتبخر على الفور حلمه الرئاسي ومستقبله السياسي لكن متاعبه لم تتوقف عند هذا الحد. وما كاد يستعيد حياة عادية حتى عاد ليمثل مجدداً امام القضاء الفرنسي في اطار قضية فندق «كارلتون» في مدينة ليل (شمال فرنسا) بتهمة «القوادة». وعلى رغم ان ستروس كان لم يعد لديه ما يخسره، فزوجته الصحافية آن سانكلير التي وقفت معنوياً ومادياً الى جانبه في قضية «سوفيتيل» انفصلت عنه منذ فترة كما انفرط من حوله عقد المقربين والاصدقاء السياسيين فإن ملاحقته مجدداً في قضية اخلاقية برفقة 13 شخصاً آخرين تعرضه للمزيد من الاذلال. وتعود التحقيقات في قضية فندق «كارلتون» الى تشرين الاول 2011 حيث اعتقل مدير الفندق فرنسيس هنريون والمسؤول عن العلاقات العامة فيه رينيه كوجفير بتهمة الانتماء الى شبكة قوادين بالتعاون مع دومينيك الدرويرلد الذي اعتقل لادانته بادارة شبكات ومقار دعارة في بلجيكا. وتم اعتقال احد مديري مجموعة «ايفاج» للمقاولات دافيد روكيه في اطار القضية نفسها كما بدأ يتردد ايضاً اسم ستروس كان الذي تبين انه كان يشارك في سهرات «خلاعية» في باريس وفي واشنطن. كما كشفت التحقيقات عن تورط مسؤول الأمن الاقليمي في شمال فرنسا المفوض جان كريستوف لاغارد الذي وضع قيد المراقبة القضائية وأعقب ذلك اعتقال ستروس كان على ذمة التحقيق. وفي حزيران 2013 قررت النيابة العامة في ليل تبرئة ستروس كان لعدم توافر ادلة كافية ضده واعتبرت انه من المستفيدين من شبكة الدعارة وليس «قواداً». لكن قضاة التحقيق خالفوا رأي النيابة العامة وأعادوا إحالة ستروس كان امام المحكمة الجزائية بتهمة «القوادة» وهو ما عادت واكدته محكمة الاستئناف. ومنذ بدء المحاكمة في 2 من شباط (فبراير) الجاري تتوالى الشهادات والاستجوابات وتتركز حول الميول الجنسية العنيفة لدى ستروس كان وتتناول التفاصيل المبتذلة لسهراته وجلساته الخلاعية مع بائعات الهوى الى حد يجعلها تبدو احياناً مطابقة لبعض الافلام المستحبة لدى الفرنسيين. كما تعيد وقائع المحاكمة تسليط الضوء على مأسي احدى اقدم المهن في العالم كونها واكبت بروز المجتمعات البشرية وحضورها الضمني في اوساط اصحاب الجاه والنفوذ ولا تخلو من نوع من التحامل على ستروس كان الذي يكاد يكون فريسة سهلة منذ ان هوى يوم صادف طريقه طريق ديالو في «سوفيتال». وكان المحامون الذين يدافعون عن ستروس كان ورفاقه الآخرين طلبوا في مستهل المحاكمة ان تكون جلساتها مغلقة لكن هيئة المحكمة ردت الطلب. وتسعى هيئة المحكمة لإثبات تهمة «القوادة» التي يتعرض ستروس كان بموجبها لعقوبة السجن عشر سنوات وغرامة مالية قد تصل الى 1.5 مليون يورو. ويتوجب على ستروس كان من جانبه ان يدعم نهج دفاعه الذي لا ينفي ميوله الاستثنائية لكنه يصر على انه سقط في فخ نصب له لابعاده عن الحملة الرئاسية الذي كان يفترض ان يواجه فيها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. وتردد ان ستروس كان أخضع لعملية تنصت غير مشروعة بموازاة التحقيقات في قضية فندق «كارلتون» بعلم من رئاسة الحكومة الفرنسية اثناء ولاية ساركوزي الرئاسية.