لا يوجد في مصطلح أحد أن أية استعانة بالكفار على قتال المسلمين فهي ردّة إلا في اصطلاح «القاعدة» و»داعش»، إذ إنّ كتب الفقه الإسلامي، وخصوصاً في أبواب الردّة لم تورد الاستعانة بالكفار على قتال المسلمين في مسائل الردة المفصلة، على رغم الإجماع فيها على أن اعتقاد صواب دين الكفار أو تفضيله على دين المسلمين ونحو ذلك هو من الردة المخرجة عن ملة الإسلام. وبالعكس من ذلك، ففي أبواب قتال البغاة يأتي تحريم استعانة الحاكم المسلم على قتال أهل البغي بالكفار إلا للضرورة، وعندما تأتي الكتب الفقهية الإسلامية (الحنبلية على سبيل المثال) على ذكر استعانة البغاة بالكفار (سواء أهل الذمة والعهد أم أهل الحرب) فإنها لا تصف البغاة المسلمين بالمرتدين لذلك، وإنما تنص على أن عهد الذميين يكون بذلك منتقضاً إلا إذا كانت لديهم شبهة يظنون بها أنه يجب عليهم إعانة البغاة على المسلمين فلا ينتقض عهدهم، وتذكر كذلك أن البغاة إذا أمنوا الكفار المحاربين فإن أمانهم لا اعتبار له، دون تعرض أو وصف للبغاة المستعينين بالكفار بأنهم كفار أو مرتدون. يقول البهوتي في كتابه «كشاف القناع شرح الإقناع» (وهو أحد المتون المعتمدة في الفقه الحنبلي) ما نصه: «ويحرم أن يستعين أهل العدل في حربهم، أي قتالهم للبغاة بكافر، لأنه لا يستعان به في قتال الكفار، فلئلاّ يستعان به في قتال مسلم بطريق أولى، ولأن القصد كفهم لا قتلهم وهو لا يقصد إلا قتلهم»، ولم يتعرض المؤلف لتكفير أهل العهد المستعينين بالكفار البتة، وإنما تعرض لتحريم الاستعانة بهم فقط. أما في ما يتعلق بالبغاة أنفسهم من المسلمين، واستعانتهم بالكفار، فيقول البهوتي: «وإن أعانهم أي البغاة أهل ذمة أو عهد، انتقض عهدهم بإعانتهم لهم طوعاً، مع علمهم بأن ذلك لا يجوز، كما لو انفردوا بقتالهم، وصاروا أهل حرب، تحل دماؤهم وأموالهم مع علمهم بأن ذلك لا يجوز، كما لو انفرد بقتالهم، إلا أن يدعوا شبهة، كأن يظنوا أنه يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك، فلا ينتقض عهدهم، لأن ما ادعوه محتملاً فيكون شبهة، وإن أكرههم البغاة على معونتهم، لم ينتقض عهدهم، وإن ادعوا ذلك أي الإكراه قبل منهم لأنه محتمل». ويتابع: «وإن استعانوا أي البغاة بأهل الحرب وأمنوهم لم يصح أمانهم، كما لو عقدوا لهم ذمة، لأن الأمان من شرط صحته إلزام كفهم عن المسلمين».