استطاعت التشكيلية السعودية أن تبتكر وتنجز مشروعها الفني في إطار المتاح لها والممكن في بيئتها المحافظة، وبحثت بعض الفنانات عن المغامرة والولوج في مناطق ربما لا يتخصص فيها سوى بعض التشكيليين الرجال ويمثل المعرض الأول للنحاتين والخزافين الذي احتضنته الصالة العالمية للفنون الجميلة، ونظمته جمعية الثقافة والفنون في جدة مساء الأحد الماضي، عدداً كبيراً من التجارب التي أبدعت فيها أنامل الفنانات السعوديات، وأنجزن أروع التجارب في فن النحت والخزف، وتكوين الشكل الجمالي من خلال النحاس والفيبرغلاس والأخشاب والطين والعديد من أنواع الحديد، وظهور الأعمال بأشكال فنية لافتة، أكدت صمود وقدرة المرأة السعودية على كسب رهان التحدي، وإثبات وجودها في أي فن تنتمي إليه. وأوضح مدير جمعية الثقافة والفنون في جدة عبدالله باحطاب، أن هذا المعرض يقام للمرة الأولى على مستوى فنيّ النحت والخزف، وجمع عدداً كبيراً من النحاتين والخزافين، وقدمت الفنانة السعودية أعمالاً رائعة، خصوصاً في الفنون ذات الوزن الثقيل، والتي يجد الرجال صعوبة فيها، واستطاعت أن تبدع في الأعمال الخزفية والنحت. وأضاف أننا نحاول في الجمعية تقديم ما يثري الساحة التشكيلية، وما يلبي ذائقة المهتمين بالفنون الجميلة، من خلال إقامة مثل هذه المعارض. وقالت التشكيلية دينا جاها: «النحت يعتبر أول تجربة لي، مع أنني من محبي الفن منذ الصغر، وأشعر بأن استخدام الطين والخزف ليس فيه أي ندم، لأن القطعة عندما أقوم بعملها استطيع إذا لم تكن بالشكل المطلوب أن أعيد تشكيلها مرة أخرى، ولكن المشكلة في تكسر الأشكال بعد تنفيذها»، وأضافت: «المرأة موجودة منذ زمن في هذا المجال، وتستطيع أن تثبت وجودها فيه الآن». وأشارت التشكيلية تهاني البريكي إلى أن مشاركتها في مجال الخزف والفن التطبيقي هي المرة الأولى، وقالت: «أشعر بأن أدم وحواء مكملان لبعضهما في مجال الفن بأنواعه، ولكل شخص إبداعه وأسلوبه»، وأضافت أن الصعوبة في «إيجاد خامات معينة لإكمال اللوحة»، و»عدم توافر مقاسات للوحات»، كما أن الوقت لدى المرأة غير متاح كثيراً لإكمال العمل، بحكم مسؤولياتها المنزلية، وقالت عن لوحتها المشاركة في المعرض انها عبارة عن «دمج بين الحضارة الفرعونية والحجازية»، واعتبرت البريكي أن استخدام الخزف مختلف عن استخدام الألوان، «فاستخدامي للخامات الطبيعية كالقهوة والبن والشوكولاتة والرمل يضيف للوحة أو العمل تميزاً مختلفاً عن الألوان»، وأضافت أنها قامت بعمل لوحة للملك فيصل منفذة بالبُن والصوف، وقدمتها إهداء لعمادة كلية الملك فيصل التخصصي، وعرضت في اليوم الوطني. فيما أكدت الفنانة التشكيلية سوزان الصايغ، أن بدايتها في الساحة التشكيلية منذ سبع سنوات، وكانت متخصصة في مجال الخزف وتصميم جداريات ومجسمات، وشاركت في هذا المعرض بلوحة أية قرآنية وثلاثة مجسمات من الخزف، واعتبرت «العمل على الخزف فيه مجهود عضلي للجنسين، كما أن عملية إيجاد الأفران والحرق تعد من الصعوبات التي نواجهها، وأحياناً تكون بعض الخامات سامة عند استخدامها». يذكر أنه شارك في المعرض عدد من طالبات جامعة أم القرى، وافتتحه الأمير مساعد بن عبدالله، وحضره عدد كبير من محبي الفن التشكيلي، ويستمر لمدة أسبوع.